24‏/12‏/2006

هل ثمة داع لأن يمر الهواء من هنا ؟



حين مت
لم يحدث لها شيء

كان لا بد من وجود
رسائل في درج سري
وكروت بوستال مضفرة
وأقلام رصاص
وكحل في العينين
فهكذا
تكتمل الخيانة


هذا المكان
ألم يكن شاهدا من قبل ؟
وهذه العيون
ألم ألونها ؟
وهذه العصا
ألم تسق يها السحب ؟

مع مرور الزمن
سوف أعتاد صوتي
مع مرور الزمن
ستصبحين أقصر


هذه التي دخلت من الشباك
سحبت خلفها رعدا
لتقيده في رجل الكنبة
لأظل طول الليل أصرخ
فيما يئن


لم أقصد هذا بالتحديد
لكن كان بإمكان المارة
أن يترفقوا بي قليلا
وهم ينزعون القمر من السماء
بأظفار طازجة
و إلا فكيف سأهرول في الشارع
وأنا أضم كل الصراخ
إلى صدري


هذه العلاقة الحميمية
بين الحذاء والتراب
لماذا تبد ذاهلة
من البستاني المنسي في
الحديقة ؟


يمكنك الآن
أن تقولي أي شيء
...
لم أعد أسمع


تصوري
لم يزل القطار كل يوم
يسافر
من سوهاج إلى القاهرة
لم يزل كل يوم
يُغَيّر أصحابه
....
الخائن


كما توقعت تماما
علبة الشاي في المطبخ من اليسار
كيس السكر قارب على الانتهاء
الأكواب شبه نظيفة
الماء في الصنبور
.....
من سيشعل لي الموقد ؟


الأطفال المنسيون في بطون أمهاتهم
أما آن لهم
أن يقولوا:
السلام عليكم
ثم يعدلون ربطة العنق


تعودت على هذه الخيانات
تعودت أن تنتهي القصائد
كما لا أريد

18‏/12‏/2006

GAMEOVER

أقدم لكم اليوم جزء من رواية صديقي الروائي الجميل محمد صلاح العزب " وقوف متكرر " والتي ستصدر في معرض الكتاب القادم عن
دار ميريت ، إذا أعجبكم الفصل اشتروا الرواية ، أوزوروا مدونته
GAME OVER

تعمل أنت ومنعم كمندوبي مبيعات لمخزن أدوية في المرج لمدة شهرين، تأخذان كمية من الدواء تلفان بها على الصيدليات طوال الأسبوع، والتوريد في يوم الجمعة، بعد شهرين يغلق المخزن ويلقى القبض على صاحبه ؛ لأنه كان يستخدم المخزن كستار ويتاجر في المخدرات بشكل سري، يغلق المخزن وتحت يد كل منكما بضاعة بحوالي ثمانية آلاف جنيه، في ظرف أسبوعين توزعان الأدوية على الصيدليات ويصير معكما ستة عشر ألف جنيه لا صاحب لها.
تستأجران شقة دور أرضي بمساكن الضباط المواجهة لمستشفي السلام، أمام باب مدرسة سوزان مبارك الثانوية بنات مباشرة، وتفتحانها صالة ألعاب: 20 لفة بوص، تفردانها وتثبتانها على الجدران، وبوسترات كبيرة لهيفاء وهبي، وعمرو دياب، وإليسا، وروبي، ونانسي عجرم، ومحمد حماقي، وبوسترات قديمة للفور كاتس، وسابيس جيرلز، وباك ستريت بويز، مقطوعة من مجلتي الشباب وكلمتنا، وسبوتات إضاءة خافتة.
ترابيزة بلياردو، وأربعة تليفزيونات، وأربعة أجهزة بلاي ستيشن، ويافطة كبيرة بالخارج مكتوب عليها بالحروف المضيئة:

زبائنكم الأساسيون كما قال منعم هم العيال الصيع الذين يزوغون من مدارسهم ليقفوا أمام مدرسة البنات، فوقوفهم في الشارع يمثل خطرا بالنسبة لهم، حيث اعتادت سيارة الأتاري الوقوف أمام مدرسة البنات، ليحقق أمناء الشرطة متعتهم في صفع هؤلاء العيال على أقفيتهم، أمام البنات اللاتي يضحكن بشماتة، سيجدون مخبأ مناسبا في الصالة.
كما أنك اشتريت خط بيزنس، وعدة إريكسون 688، ووضعتهما في المحل كوسيلة لجذب أرجل الفتيات.
كانت لجدك صورة كبيرة معلقة داخل برواز مذهب في صدر الصالة، سقطت في زلزال 92، وانكسر الزجاج والبرواز، وظلت طوال هذه المدة مركونة في الكراكيب، فأخرجتها، وكتبت على ظهرها بقلم الفلوماستر الأسود الذي أخذته من علبة ألوان أختك:

تثبت اللوحة أمام باب الصالة الخارجي لاصقا وجه جدك بعمامته وزبيبة الصلاة في جبهته في الحائط.
أسبوع واحد ويتحول المكان إلى ماخور لم تتوقعاه، ويصير زبائنكم الأساسيون من البنات اللاتي يزوغن من المدرسة، ويلعبن البلياردو والبلاي ستيشن بمهارة، ويقلن نكاتا جنسية، ويدخن السجائر خلسة.
في البداية خاف الأولاد ( العيال الصيع ) من الدخول عندما رأوا أن البنات يحتللن المكان، فصاروا يمرون من أمامه يتلصصون على ما يحدث بالداخل كأنه كوافير حريمي

شيئا فشيئا تعتاد أرجلهم على المكان، وصاروا يتعرفون على البنات بالداخل بسهولة عن طريق اللعب، بدلا من السير وراءهم ومعاكستهم في الشارع وبلا جدوى غالبا، لكنكما لم تسمحا بحدوث أي تجاوزات أخلاقية بين الأولاد والبنات، بينما تحول الجزء الداخلي من الشقة إلى وكر ؛ حيث يقف أحدكم فقط في الصالة غالبا بتابع اللعب، والآخر بالداخل ومعه واحدة، وبعد أن ينتهي يخرج ليقف ويدخل الآخر.
اطمأن الجميع إلى المكان خصوصاَ وأن التعامل الأمني مع المساكن مقصور على الشرطة العسكرية.
اكتسب المكان شهرة واسعة في كل المدارس الثانوية في مدينة السلام، والنهضة والعبور، وأصبح عاديا أن يسأل واحد زميله:
((انت رايح المدرسة بكرة؟)).
فتكون الإجابة:
((لأ.. رايح فريندز جيمز)).
لم يستمر الأمر سوى شهر ونصف، حيث تعددن شكاوى أولياء الأمور البنات، وناظرة المدرسة، وسكان المنطقة، وقد فاحت رائحة المكان، فأتت سيارة الشرطة العسكرية الجيب البيج القديمة، وأوقفت النشاط. .

13‏/12‏/2006

ثقب في الهواء بطول قامتي



لا تموتي الآن
فأنا أنتظرك منذ خريفين ووردة
حقيبتي فارعة
عيوني معلقة على البحر
من يمسح بيده فوق صدري
فأرتجف
أنا وردة الملاريا الحزينة
ُأُسْكَب..
كأغنية على البلاط
يهجوني الأطفال..
لاعبو الكرة الشراب
يركلني الفلاحون..
حين يمرون بعد الصلاة الفجر
يكرهني الوحل
والمراهقات
والهدهد ذو الزي الموحد

لا تموتي الآن
فأنا سأرحل مع هذا الهواء
المنسي على جدران الغرفة
الشرفة نفس الشرفة..
فقط أنا الذي لم أعد أبتسم
من بعيد..
ألوح..
ثم أبكي
من بعيد أموت..
ثم أهرول صارخا

لا تموتي الآن..
منذ قليل..
سكبت الشاي على الأرض
ونمت واقفا
أتأمل آثار أنفاسك على الهواء
ولثتك..
فوق فرشاة الأسنان
وأصابعك..
فوق براد الشاي
أنا المتشرد كليل
لا ينقطع أنيني بالمطر..
فقط..
يغرقني حينما أذكرك
الغابات في الخارج تعضني
الربو يحتك بي
يتركني مغطى بشمس الصيف
الظالمة

حزين أنا
حزين أكثر مما يجب
فلا تتركيني وحيدا..
مع القصائد والشاي
كبقايا طاعون مزمن
تغطيه الطحالب والصخور
الدفاتر..
ألون فيها بدمي
بنفسجا وأحذية مثقوبة
وشاعرا..
يموت بعد منتصف الليل
كرهتني القصائد يا أمي
كرهتني الكباري..
والسجائر..
وجالسو القرفصاء
أنا الحزين كجبل
أبيع قصائدي للمارة، وللكلاب
وللطغاة الحمر

لا تموتي الآن..
من سيزمل الرسول
من سيسقي النعناعة..
عابرة السبيل

عيونك تركتني للشوارع تنهشني
أنا الصعلوك القديم
ألتهب بالنعاس..
وبالبكاء
تطردني المقاهي لليل..
بلا نهدين
فأرنو إلى وجهك..
وأبكي
ألملم صوتك..
وأضمه إلى صدري
أضفر شعرك وأغني
أتحسس وجهك
حزينة أيتها العيون السوداء
حزينة حتما
كرائحة..
القصائد اليتامى
والأطفال الرضع
وأبناء باعة العرقسوس

يا الله..
يا أمي..
يا أنتم..
وداعا
......ً
من ديواني الأول الذي يحمل نفس الاسم

09‏/12‏/2006

الأدب يتغذى على دم النميمة

يصلح ليل كل ثلاثاء من ليالي القاهرة ، أن يصبح هو ليل النميمة الأكبر في حياة المثقفين المصريين ، ففي هذا اليوم الذي اتفق على أن يكون هو يوم لقائهم الأسبوعي على مقاهيهم الثقافية في وسط القاهرة ، تتناثر أشلاء الثقافة والمثقفين على المقاهي ومناضد البارات مزقا ، ويمكن لمن يتحرك خلال ما يسميه المثقفون بمثلث الرعب : " مقهى زهرة البستان ، وأتيليه القاهرة ، وبار الجريون " أن يسمع الحكايات السرية ، والقصص السفلية عما يجري في الثقافة المصرية ، أن يرى الغسيل السري ، أوبحسب وصف البعض ، الملابس الداخلية للثقافة والعلاقات مع السلطة ، والدول العربية ، والصراعات الخفية ، وهي تتداول ، وتحكى ، دون أي ذكر أو نقاش حقيقي حول الأعمال القصصية والروائية والشعرية ، الصادرة من دور النشر القريبة .
والنميمة عادة اجتماعية ذميمة ، تعرف بأنها نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على وجه الإفساد بينهم فحرمت لما فيها من مفسدة إلقاء البغضة بين الناس ويستثنى منها ما كان النقل فيها على جهة النصيحة كأن يقول له : إن فلانا يقصد قتلك ونحو ذلك ، فإن كان ما ينم به نقصا أو عيبا في المحكي عنه فهو غيبة ونميمة ، و قال ابن حجر في الزواجر : الحكم على ما هو كذلك بأنه كبيرة ظاهر جلي , وليس في معناه بل ولا قريبا منه مجرد الإخبار بشيء عمن يكره كشفه من غير أن يترتب عليه ضرر , ولا هو عيب , ولا نقص.
والنميمة ، و " مسك السيرة " بالتعبير الشعبي المصري ، ونهش لحم الآخرين ، عادة ذميمة، قد تكون انتقلت من العامة إلى المثقفين ، لكن الغريب أن هذه العادة انتقلت من المقاهي ، وجلسات " مثلث الرعب " إلى الأدب ، وأصبح هناك عدد من الأعمال الإبداعية تصدر ، وتوزع ، وهي تحمل تشهيرا ببعض الناس من المثقفين ، وغير المثقفين ، وهو ما يرى البعض أنها ساهمت في شهرتها ، وزادت من توزيعها ، خاصة أن هذه الكتابة تكون عادة بأسماء مشابهة ، ولكن " كل لبيب بالإشارة يفهم " ، فيبدو الأمر متراوحا ، بين الطرافة ، والإلغاز ، والتعريض ، و" التلسين " ، بحسب تعبير الناقد فاروق عبدالقادر.
ظاهرة أدب النميمة ، أو الروايات التي تلجأ إلى النميمة كسياق أساسي فيها قديمة ، ويمكن اعتبار أن رواية " المرايا " لنجيب محفوظ من أقدمها ، فنجيب محفوظ في هذه الرواية اعتمد على شخصيات حقيقية موجودة في الواقع الثقافي ، شخصيات زاملها وعرفها ، وصداقها ، لكنه في الرواية ألبسها أقنعة بأسماء اخرى ، وهناك أيضا روايته الشهيرة " الكرنك " والتي أثير أنه كتبها عن صلاح نصر مدير المخابرات العامة المصرية أيام عبد الناصر راصدا فيها التعذيب الذي يحدث في السجون ، والتحولات الفكرية لدى عدد من المثقفين اليساريين ، أما رواية النميمة الأشهر فهي رواية عمارة يعقوبيان الشهيرة ، لعلاء الأسواني ، والتي يرى البعض أن سبب شهرتها هو أنها اعتمدت على التعريض بشخوص معروفين في الواقع ، وذكر مساوئهم سواء في الوسط الثقافي أو السياسي أوالاجتماعي ، مثل الصحافي الشاذ جنسيا ويرأس تحرير صحيفة أجنبية ، والوزير الفاسد ، وضابط أمن الدولة المتوحش ، ورجل الأعمال المزواج ، وهي كلها شخصيات تردد بعد نشر الرواية أنها لشخصيات حقيقية معروفة في الوسط الاجتماعي ، وهو ما زاد من توزيعها ، لدرجةأنها طبعت أكثر من طبعة ، وحتى حينما تم تحويلها إلى فيلم سينمائي لوجدنا أن أبطالها يصرحون للصحف أنهم لم يقوموا بأداء أدوار الشخصيات الفاسدة في الحياة السياسية ، وهناك رواية زينب والعرش ، والتي تحدثت عن الوسط الصحافي المصري في فترة الستينيات ، والفساد الذي دار فيه ، ويمكن لمن يقرأ الرواية أن يخمن طوال صفحات الرواية الأسماء الحقيقية لأبطالها والقصص المصاحبة لصعودهم ، وهناك أيضا رواية " قبل وبعد " لتوفيق عبد الرحمن التي تم مصادرتها إثناء مصادرة الثلاث روايات ، وقيل أن سبب مصادرتها أنها تحدثت عن شاعر عامية مصري كبير ، وقالت أنه سلم نفسه للسلطة بعد خروجه من السجن ، وهناك رواية " كحل حجر " لخالد إسماعيل ، التي تحدثت عن بعض المثقفين الأقباط في مصر ، وأعطتهم أسماء رمزية ، تقترب من أسمائهم ، وغيرها من الروايات التي تعتمد نفس المنهج ، في بناء دراميتها .
الشعر أيضا لا يخلومن النميمة ، فهناك أميات نجيب سرور ، تلك القصيدة المكتوبة بالعامية ، وتوجه سبا وقذفا ، في حق العديد من الشخصيات الفاعلة في الوسط الثقافي المصري في الستينيات والسبعينيات ، والتي يقال أن نجيب سرور كتبها إثناء وجوده في المستشفى النفسي ، وانتقم فيها من كل أعدائه ، واصفا إياهم عبر أبيات القصيدة الطويلة بالشذوذ ، وموجها لهم شتائم جنسية كثيرة ، وهناك مجموعة من القصائد للشاعر أحمد فؤاد نجم ، لعل أشهرها قصيدة " الشاعر الأكره " التي قالها يصف بها شاعرا آخر يهادن الحكومة " ملعون أبوك طالع نازل ، شاعر أكره " ، وقصيدته عن الرئيس المصري الراحل أنور السادات التي أسماه فيها " شحاته المعسل " .
غير أن النميمة في الوسط الثقافي المصري بعد ان تجاوزت المقاهي ، وجلسات الثلاثاء الحميمة في الاتيليه وزهرة البستان والجريون ، إلى الأدب ، قررت أن تنتقل إلى بعض الكتب ، لعل أشهرها الكتاب الذي صدر منذ حوالي عامين ، بعنوان " مثقفون تحت الطلب " وقام بتأليفه محمد عبد الواحد ، الذي كان يعمل للمكتب الإعلامي لدى فاروق حسني وزير الثقافة المصري ، وفيه فضح عددا من المثقفين ، بالاسم وقال بعلاقة بين بعض المناضلين السابقين " اليساريين " ، والسلطة ، ليضع عددا كبيرا منهم في مأزق ، ويتحول الكتاب وأبطاله إلى وجبة دسمة استمرت أسابيع على مقاهي وسط البلد الثقافية .
كما قال عبد الواحد في كتابه أن اختيارات فاروق حسني لقيادات وزارته " دليل واضح على عدم صلاحيته كوزير، مع أن صورة الغلاف تبينه ـ أي وزير الثقافة ـ قائد أوركسترا موسيقي في يده عصا وأمامه نوتة موسيقية وأربعة من الرجال تبدو رؤوسهم نسخا متشابهة وفارغة، يقصد بهم مثقفي السلطة ، غير أن الهجوم الاكبر في الكتاب كان على صلاح عيسى ، اليساري السابق ، ورئيس تحرير جريدة القاهرة التي تصدرها وزارة الثقافة حاليا ، وإن كان البعض يعتبر ما كتب عنه ليس إلا من قبيل تصفية الحسابات ، خاصة بعد استبعاد عبد الواحد من الجريدة ، ونلمح ذلك مثلا في إشارته إلى إن صحيفة (القاهرة) كان يتردد فيها نداء شهير عصر كل يوم أحد هو " نسخة الوزير.. نسخة الوزير" في إشارة إلى نسخة التجربة الأخيرة لصفحات (القاهرة) لتعرض على الوزير ليراجعها قبل طبعها ، وهو ما يضرب التجربةاليسارية لعيسى وادعائه الاستقلال في مقتل .
وهناك نوعيات من الروايات ليس لها علاقة بالنميمة ، لكن النميمة دارت حولها بعد نشرها مثل رواية " اخرج منها يا ملعون" التي كتبها صدام حسين ، وشن موقع الامبراطور على الانترنت حملة ضد الروائي جمال الغيطاني مدعيا انه كاتبها الحقيقي ، وبغض النظر عن صحة هذا من عدمه ، فهذه الحادثة كانت زادا وفيرا لمائدة النميمة ، لمدة طويلة من الوقت .
لكن أشهر كتب النميمة ، هو الكتاب الذي حمل ذلك الاسم صراحة ، وهو " كتاب النميمة " للروائي الكبير سليمان فياض ، والذي حلل فيه شخصيات العديد من للمثقفين المصريين ، عبر أسماء رمزية مثل ، الفأر ، والقط ، والتمرجي ، ومالك الحزين ، والواعظ ، وعازف الفلوت ، وعجل جسد له خوار " ويصبح سؤال المثقفين بعد قراءة الكتاب المتداول " من التي يقصدها فياض بشخصية " لوليتا" ، هذا ، وإن كان الكتاب بجزئيه " كتاب النميمة ، ونبلاء وأوباش " يحتوي لغة أدبية راقية ، ويمكننا اعتباره نصوصا أدبية ، إذا قرأه شخص من خارج الوسط الثقافي ، بعيدا عن السعي لحل لغز القصة ، والوصول إلى اسم الشخصية الأدبية .
يفتتح سليمان فياض كتابه " كتاب النميمة " بإهداء ، قد يبدو منه الغرض من الكتاب "إلى الأجيال الجديدة ، تذكرة بأن الإنسان تاريخ وموقف ، فلا سر يخفى ، ولا شهادة تموت " ، ويقول فياض " لست مسئولا عن أية إسقاطات أو تصورات شخصية لقارئ ما على أحد النماذج ، لمجرد أنها معماة ، ولا تحمل اسما من الأسماء ، ويقول " لست مسئولا عن أية وقائع أو مشابهات في هذه البورتوريهات إلا عمن سميتهم بأسمائهم " ، لماذا كتب إذن هذا الكتاب ؟ يقول فياض " غايتي أن أقبض على اللحظات الهاربة والظواهر المستمرة أو الآفلة التي يغفل عنها دائما التاريخ العام والخاص أيضا لأنه يتجاوز في الشرق ما يعتبر أسرارا شخصية في حياة الناس "
و رغم عدم اعتراف عدد كبير من النقاد والمبدعين بهذا المصطلح " أدب النميمة" إلا أن فاروق عبد القادر يعد هو أول من دشن مصطلحا مشابها له وهو " أدب التلسين والنميمة "في كتابيه " أوراق من الزمن الرخو " و " في الرواية العربية المعاصرة ، حيث أسماه " أدب التلسين وإياك أعني " ، معتبرا رواية عمارة يعقوبيان و هي الرواية الواقعة بامتياز تحت مسمى " أدب النميمة " ذات مستوى متوسط استفادت من الهجوم على رموز المجتمع ، وهناك عملين آخرين ينطبق عليهما هذا الوصف كما يذكر في كتابه هما روايتي " حكايات المؤسسة " و " حكايات الخبيئة " لجمال الغيطاني ، حيث نجد الراوي يتعثر مابين المكاشفة و التخفي ، التصريح والتلويح ، بين ما يريد أن يقول، وما لا يستطيع أن يقوله ، أن تغمز بعينك للقارئ في إغراء بالتواطؤ : أنت تعرف وأنا أعرف ، لكنني لا أجرؤ على مزيد من الإفصاح ، حين أراد أن يجعل مؤسسته بشخوصها وأحداثها واقفة تتأرجح على هذا الحد الزلق بين الواقع وما وراءه أو ما فوقه ،ولم يجد بين يديه سوى أدوات ووسائط فقيرة : المبالغة التي تتجاوز الحدود ، والإلحاح بالتكرار في الألفاظ والمعاني ، لدرجة الإضجار ، وفي ظنه أن هذه المبالغات تحيط الشخصيات بأطر غرائبية .
العمل الفني ليس نميمة ، وكذلك لا يمكن أن نعتبر النميمة عملا أدبيا ، لكن هذا لا ينفي أن النميمة مرض من الأمراض الثقافية التي باتت منتشرة تعبر في رأيه عن مدى الخواء الحادث ، والانشغال بالآخرين ، بدلا من الانشغال بالمعرفة والإبداع فجلسات المقاهي تحولت إلى جلسات للنميمة بدلا من النقاش الحر الموضوعي . و لو بحثنا عن سبب لانتشار النميمة بين أوساط المثقفين ، في الأدب وفي المقاهي ، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أن تهميش المثقف هو السبب الأول ، أن تصبح كل مهمته في الحياة أن يجلس على المقهى ينم ، وهو الذي كان قبلا ، يحرك شعوبا ،نستطيع أن نقول أن السبب هو الفساد الذي دمر كل مرافئ الحياة حتى الثقافية، صعود رموز السلطة ، وقتل الإبداع بنار البيروقراطية ، حتى لم يعد بإمكان المثقف الآن أن يفعل سوى أن يتنقل بين أضلاع مثلث الرعب ، يحقق ذاته ، فقط ، بالنميمة .

06‏/12‏/2006

نهار أسود




الضلمة في عيون الحرس
متقفّلة كل البيبان
وضريح يتيم من غير ولي
كل البنات بارت
وعيونكو هيّاها العسس
يا خَيْبِة الأيتام إذا حاولوا الهرب
متقَفّلة كل الحيطان
نازفة بارود مش مِسْتِحِي
ساكتة كما كدب الجرايد والغنا
بتبص مني عيون وطن
مدبوح أنا ..
.. ولا انا لسّه كوم تراب
الخيل عذاب بيجُرِّني
طباشير على وش الهوا
لا عرفنا نكتب غنوتين
ولا يوم حفظنا آي ياسين
تبقى الحكاية مْلَفّقّة
والشعر مش ضحك ونسيم
الشعر مرمي في القفص


يا صحابي
يا خيبتي القوية
طلع الأدان زيّ الخرس
طلعت ودانّا مصَمّغة
متعلقين كيف الدبيحة الــــ
(مش جبانة )
والدمع صوته مش طرب
صوتي اتنقش فوق البحار
طعمين لّجَنّيّة
أما الخرس كان القروش

( وصاني قلبي بالوطن
فجرحني وردي
شوكي عجين ميت ما يتاكلش
عكّرتْ روحي بالقصيدة واتخنقت
كان الوطن مرمي على الكورنيش
ما بين بنادق أمن دولة وبين قلوبنا )

البحر خنجر لو تشوفه تعشقه
مترصصة رملة عروسته بالأنين
من غير حرس
قلبي انطفى
لما اتملى ببارود عسس
( ما تجيش وحيد من غير أبوك
ما تجيش وحيد من غير وطن )

هفضل أحاربك للنهاية
للشموس اللي انطفت
رشيت مخاض الشعر في وشي
انتفضت
وِطِرْت في عيوني سكنت
خَضِّتني لما شفت إيدك بين إيديك
سودة نجس
يا مقفلين كل البيبان
يا قاتلين كل القصايد والحسان
بصوا وراكم
..... واشتموا

04‏/12‏/2006

ليل / خارجي


سبعة شارع الخيامية تعنى
الرجل الذي يجلس بين قدميّ الليل
يدعو للقطط
للمارة
لفمه – حتى لا يصدأ –
ولقروش ضامرة

الرجل
آخر الليل
- في غفلة من الحائط -
يخرج الأدعية من فمه
يرصها في حفرة صغيرة
ثم يغطيها بقطع البوص والتراب
ينديها بالماء لتنمو

الرجل الذي ..
...
...
أوه
من قال أنني لا أؤتمن على سر