09‏/11‏/2006

برج حمام


«أنا قلبي برج حمام.. هج الحمام منه، ياللي عنيكي كلام.. ليه الضلوع أنوا»، أتذكر أغنية محمد منير، وأنا أرمق حجرة الحمام التي تعلو أحد بيوت طملاي بمحافظة المنوفية ، حجرة الحمام التي كانت إحدى سمات الأسطح الريفية، والتي اختفت تماماً مع ظهور محلات بيع الحمام طازجاً ، حجرة الحمام كادت أن تختفي مع انتشار مرض أنفلونزا الطيور دون رجعة ، ولتصبح قبورا لكائنات بيضاء ملائكية .
«ياحبيبتي قلبي فانوس.. بس الهوى محبوس.. بكره اللي جي شموس.. في عنيكي يتحنوا» يتابع محمد منير، لكن برج الحمام، أو حجرة الحمام لم تستطع أن تحتفظ حتى النهاية بكونها ملكة متوجة فوق السطح، ولا يمكن رد غياب حجرة الحمام إلى انتشار «الحمام الطازج» فقط، بل لأن تربية الحمام، كما قال لي «محمود» صاحب البرج في منطقة المرج يحتاج إلى تفرغ، وإلى حب للحمام.محمود قال لي أيضاً إنه بنى البرج، بشكله الاسطواني الجميل الذي تطل منه فتحات يقف فيها الحمام، كأنها عيون ترقب السماء، لأنه يملك البيت، وبالتالي فهو حر في أن يبني فوق سطحه ما يشاء. وأضاف أن الحمام نقي وطاهر، وهو لا يربيه بحثاً عن الربح، بل لأنه يحبه، مع أن مكسبه كبير بالفعل. لكن سطح بيت محمود ـ الذي يقع في منطقة شبه ريفية ـ يختلف كثيراً عن الأسطح التي رأيتها من قبل، وأهم ما يميزه بخلاف برج الحمام هو حبل الغسيل الممتد بطول السطح، بالإضافة إلى حجرة للدجاج ومساحة واسعة أمامها، يلهو فيها الدجاج طوال النهار قبل الدخول إلى حجرته آخر اليوم.. يتناثر فوق السطح الحبوب والذرة، ومخلفات أخرى، مثل لعب أطفال مكسورة، دراجة بلا عجلات، زجاجات مياه فارغة، إطار سيارة، وغير ذلك.. قال محمود لي: أحب الحمام لأنه يحبني، ولأنه يحب السطح.. ولأنه يطير ثم يرجع إلي مرة أخرى، ويضيف في الفترة الأخيرة اضطررت لحبس الحمام في البيت خوفا من تفشي مرض الانفلونزا ، وتابع " خفت أن يأتي بتوع الصحة فيذبحون الحمام "، أتأمل الحمام الذي ينظر من نوافذ البرج وكأنه يغني معي " أنا قلبي كان شباك ، بس الهوى شباك ، يا بكرة بستناك ، ليك العيون حنوا " .

ليست هناك تعليقات: