في شتاء عام 1999 ، في أحد المنتديات الشعرية التي تقيمها الجامعات للتباري بين شعرائها على طريقة سوق عكاظ ، كان يُنظر لي ـ وصديق آخر ـ نقول قصيدة النثر ، على أننا كفرة ، على أننا زناة ، على أننا صابئون ، لا نعرف معنى الشعر الحقيقي ، لا نعرف إيقاعه ، ولا قافيته ، وكنت أقول لنفسي : هؤلاء جهلاء سذج ، منغلقون على أكاديميتهم وعلى دروسهم التي تلقوها في الثانوي ، ولن يتبقى منهم أحد في النهاية ، إذا خرجوا إلى الوسط الثقافي الحقيقي سيعرفون أن الشعر لا يكيل بتفعيلاته ولا بعدد قوافيه .
لكن الإشكالية الحقيقية كانت بالنسبة لي ـ حين خرجت أنا القروي الغض ـ إلى الوسط الثقافي الذي ضاق هو الآخر ـ في منتدياته وندواته ومقاهيه ومقالاته النقدية ـ بقصيدة النثر وبكتابها وعاملهم كالغجر.
كنت وقتها قادما من ريف الصعيد ، للدراسة في القاهرة ، أكتب القصيدة الخليلية ذات الضلفتين ، والتفعيلية ذات الضلفة الواحدة ، صدمة المدينة لم يستوعبها بداخلي سوى قصيدة النثر ، قصيدة تناسب المدينة ، بحزنها ويأسها ، بضجيجها ، بصراخها ، وكنت أجيب من يسألني لماذا أكتب قصيدة النثر ولا أكتب التفعيلة : وكيف يمكن لشخص يهرول صارخا طوال الوقت في هذه المدينة أن يغني ؟
لست ـ بالمناسبة ـ ضد قصيدة التفعيلة ، أو القصيدة العمودية ، ولست من هواة نفي الآخر ، فليكتب كل شخص كما يريد ، المهم أن يكتب روح العصر الذي يحياه ، لا الذي كان يحيا أجداده ، المهم في الأمر كله الشاعرية ، تلك التي تحسها ، التي تأسرك .
تمر عشرة أعوام منذ كتبت قصيدة النثر لأول مرة ، فيما تكاد تقفز من حنجرتي صرخة ضخمة ، يتردد صداها داخلي حتى الآن ، مع مرور الوقت تبقى القصيدة وحدها ، ولا ينتهي السؤال عن ماهيتها ،عن عطاياها ،عن جمهورها عن جدوى كتابتها في زمن كهذا ، عن جدوى هذه الأسئلة العبثية الوجودية الساخرة أيضا ؟
لا ، ليست ساخرة فحسب ، بل محبطة أيضا ، وكفيلة بإيصالي إلى حافة الجنون .
نصف قرن منذ كتب محمد الماغوط قصيدته النثرية الأولى ـ هل أعود إلى الوراء وأقول أنها ثلاثة أرباع منذ كتبها حسين عفيف ـ ولا نكف عن طرح الأسئلة وعن الإجابة نفس الأجوبة .
سأترك كل هذا وأتحدث عن الشعر بالنسبة لي بشكل نفعي بحت : هو وسيلة للخلاص من كآبة هذا العالم ، وسيلة للقفز على الإحباطات المتوالية في كافة مناحي الحياة: في المنزل ، في العمل ، في الشارع ، في المقهى في غرف النوم ، في التلفاز ، في علاقاتنا الإنسانية ، يظل الشعر ـ أيا كانت طريقة كتابته ـ مهربا وحيدا ، لا مهرب سواه ، بديلا وحيدا للانتحار ـ كما قال أمل دنقل ـ النافذة التي نفتحها فنتنفس ، الملجأ من هذا العالم الذي يطردنا على وجوهنا نتسكع في مقاهي وسط البلد ، والندوات التي بلا جمهور ، يظل الشعر هو الشعر ، هو حروفه الخمسة الساحرة الساخرة المبهرة ، يظل هو ، الذي ليس كمثله شيء ، ويظل ما عداه هامشيا ، لا يذكر ، لا ، أنا الذي لا أريد أن أذكره .
العالم ـ حتى وإن أغراه سرده بأن يتخلى عن الشعر في الآونة الأخيرة ـ فالشعر لم يتخل عنه ، ما زال يحزن من أجله ، يفرح لأجله ، يرقص ويبكي ،يموت ويخاف منه وعليه ، ظل قابضا عليه يستمد منه تفاصيله البسيطة الحميمة التي لا ترى ،من شوارعه ، من مقاهيه من حواريه .
هل صدقتم كذبة الكتابة الذاتية ؟ ، الأمر لا يتجاوز فكرة لعبة البازل ، القطع البسيطة التي تتجاور ،الهموم التي تتلاصق فتكون عالما إنسانيا ، هي ليست كتابة الذات إذن ، هي كتابة ذات العالم ، ذات إنسان العالم الذي تسحقه العولمة ، فيختبئ في تفاصيلها خلف كومبيوتر صغير ـ مثلي ـ و يشكو همه .
ماذا أقول إذن للذين يتهمون جيلا كاملا بالإغراق في الذاتية ، وفي الهموم الشخصية ، هل أقول : أيهما إذن أكثر التصاقا بالإنسان : عنترة الذي كتب عن بطولاته وحده ، الخنساء التي رثت أخيها فقط ، عمرو بن كلثوم الذي تفاخر بقومه لا غير ، أم شاعر صغير يكتب قصيدة النثر ويكتب هموم إنسان آخر يجلس في ركن ما من هذا العالم الشاسع يشاركه نفس هم الفناء والبطالة وهجر الحبيبة وزحام الباص وتغول الرأسمالية ، لا أريدها مقارنة ، لكل نص شاعريته ، لكل نص جمالياته محسناته البديعية كما يرى جدنا عبد القاهر الجرجاني ، لكل نص قارئه الذي يشعر به ، فقط لا تجردوا النصوص من شاعريتها ، ولا الشعراء من قصائدهم ، حتى لا نظل طوال عمرنا ندور في نفس الدائرة من الأسئلة التي لا نمل تكرارها .
حين شرعت في كتابة ديواني " مديح الغابة " كان العالم على وش الانفجارـ ألم ينفجر بعد ؟ ـ مجازر ومذابح في فلسطين ، توتر بين سوريا ولبنان ، أميركا أجهزت على أفغانستان وبدأت توزع دماء العراق على القبائل بالترتيب لاحتلالها ، إعلام رديء ، وأنظمة رسمية أكثر رداءة ، وعلى الناحية الأخرى كانت الاتهامات للشعر بأنه في عزلته مستمرة ، وما زال الذين يصرخون ـ بما يعتبرونه شعر ـ على جثث أطفال فلسطين والعراق وعلى صدام حسين والصحاف يصرخون ، وما زال الذين يروجون بالابتعاد عن القضايا الكبرى يروجون .
ماذا ستفعل بالشعر في جو كهذا ـ بل ماذا سيفعل بك الشعر ـ وأنت ترى عالمك ينهار ، هل يمكنك صياغة كل هذا الألم ، في قصيدة ، قصيدتين ، ثلاثة ، عشرة ، ديوان ، لا أعرف ، لكني وجدتني مدفوعا للكتابة عن الغابة التي توحشت ، أهجوها أم أمدحها ، لا يهم ، فبعض المديح هجاء ،وبعض الهجاء مديح، في الديوان طرحت أسئلتي التي لا أعرف الإجابة عنها ، ألا يقولون أن مهمة الفن هي طرح الأسئلة ؟
بعد خمس سنوات من كتابة الديوان ، كنت أكتب ديواني " طاعون يضع ساقا فوق الأخرى وينظر للسماء " عن العالم الذي أصبح أكثر سوءا ، يتمدد عنفوان المدينة أكثر فتشتد الحاجة إلى قصيدة نثر تقاوم عنفوانها ، كان القادة العرب كما هم بسياساتهم الفاشلة ، وكان السادة النقاد يطرحون نفس الأسئلة ، كانت أمريكا تستبيح العراق وسط عشرات التفجيرات ، وكانت الندوات في معرض الكتاب تسأل لماذا يكتب الشعراء قصيدة النثر ، كانت إسرائيل تدك غزة بصواريخها ، وكانت مقاهي المثقفين في وسط البلد تواصل نفي الآخر ، وتسأل أسئلة ـ أصبحت ـ مضحكة بمرور الزمن حول ماهية قصيدة النثر .
كنت أتذكر عالم الطلبة وأساتذة الجامعة الضيق في منتديات الطلبة بين الوقت والآخر ـ عندما كنت في الجامعة ـ هؤلاء الذين اختفوا تماما ، وأقول أنهم معذورون فهذا ما تعلموه ، ونحن لا نقبل التغيير بسهولة .
حين كتبت ديواني الخير كان الواقع السياسي و الحياتي لم يتحرك قيد أنملة ، وكانت الأسئلة التي تطرح في المنتديات الثقافية ـ حول قصيدة النثر ـ لم تتغير ، أدرك أيضا أنني بعد عشر سنوات ، سوف أدخل مقهى ثقافي في وسط البلد ، سأجلس على طاولة وأطلب شايا بالنعناع ، وسأسمع الشخصين الذين يجلسان بجواري يتحدثان عن جدلية قصيدة النثر ، ولن أعلق
سوف أكتب قصيدتي التي تعبر عني ، قصيدتي هي يوتيوبياي الخاصة ، مدينتي الفاضلة ،التي ألوذ بها من صهد الواقع ، هي منفاي الاختياري ، وسجني الأبدي ،هي الدم الذي سال من شاشات التلفاز فأغرق الساهرين يضحكون ، هي ضجيج المظاهرات وصراخ المعتقلين ، هي نداءات باعة الفل على الكورنيش ، وكلام الأحبة ، ورسائل الاس إم إس ، هي ضجيج المقاهي ، وابتسامات تخفّت خلف أكف بنات الثانوي ،هي الحب في طلته الأولى ، هي الفراق والدموع في العينين ، هي المدينة التي جعلتني اكتب قصيدة النثر ، هي رحيل الأمهات والآباء ، وصرخة أم في غرفة العمليات ، هي ضحكة طفلى ، هي حزني ووحدتي ، هي أنا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في مجلة الكتابة الأخرى
لكن الإشكالية الحقيقية كانت بالنسبة لي ـ حين خرجت أنا القروي الغض ـ إلى الوسط الثقافي الذي ضاق هو الآخر ـ في منتدياته وندواته ومقاهيه ومقالاته النقدية ـ بقصيدة النثر وبكتابها وعاملهم كالغجر.
كنت وقتها قادما من ريف الصعيد ، للدراسة في القاهرة ، أكتب القصيدة الخليلية ذات الضلفتين ، والتفعيلية ذات الضلفة الواحدة ، صدمة المدينة لم يستوعبها بداخلي سوى قصيدة النثر ، قصيدة تناسب المدينة ، بحزنها ويأسها ، بضجيجها ، بصراخها ، وكنت أجيب من يسألني لماذا أكتب قصيدة النثر ولا أكتب التفعيلة : وكيف يمكن لشخص يهرول صارخا طوال الوقت في هذه المدينة أن يغني ؟
لست ـ بالمناسبة ـ ضد قصيدة التفعيلة ، أو القصيدة العمودية ، ولست من هواة نفي الآخر ، فليكتب كل شخص كما يريد ، المهم أن يكتب روح العصر الذي يحياه ، لا الذي كان يحيا أجداده ، المهم في الأمر كله الشاعرية ، تلك التي تحسها ، التي تأسرك .
تمر عشرة أعوام منذ كتبت قصيدة النثر لأول مرة ، فيما تكاد تقفز من حنجرتي صرخة ضخمة ، يتردد صداها داخلي حتى الآن ، مع مرور الوقت تبقى القصيدة وحدها ، ولا ينتهي السؤال عن ماهيتها ،عن عطاياها ،عن جمهورها عن جدوى كتابتها في زمن كهذا ، عن جدوى هذه الأسئلة العبثية الوجودية الساخرة أيضا ؟
لا ، ليست ساخرة فحسب ، بل محبطة أيضا ، وكفيلة بإيصالي إلى حافة الجنون .
نصف قرن منذ كتب محمد الماغوط قصيدته النثرية الأولى ـ هل أعود إلى الوراء وأقول أنها ثلاثة أرباع منذ كتبها حسين عفيف ـ ولا نكف عن طرح الأسئلة وعن الإجابة نفس الأجوبة .
سأترك كل هذا وأتحدث عن الشعر بالنسبة لي بشكل نفعي بحت : هو وسيلة للخلاص من كآبة هذا العالم ، وسيلة للقفز على الإحباطات المتوالية في كافة مناحي الحياة: في المنزل ، في العمل ، في الشارع ، في المقهى في غرف النوم ، في التلفاز ، في علاقاتنا الإنسانية ، يظل الشعر ـ أيا كانت طريقة كتابته ـ مهربا وحيدا ، لا مهرب سواه ، بديلا وحيدا للانتحار ـ كما قال أمل دنقل ـ النافذة التي نفتحها فنتنفس ، الملجأ من هذا العالم الذي يطردنا على وجوهنا نتسكع في مقاهي وسط البلد ، والندوات التي بلا جمهور ، يظل الشعر هو الشعر ، هو حروفه الخمسة الساحرة الساخرة المبهرة ، يظل هو ، الذي ليس كمثله شيء ، ويظل ما عداه هامشيا ، لا يذكر ، لا ، أنا الذي لا أريد أن أذكره .
العالم ـ حتى وإن أغراه سرده بأن يتخلى عن الشعر في الآونة الأخيرة ـ فالشعر لم يتخل عنه ، ما زال يحزن من أجله ، يفرح لأجله ، يرقص ويبكي ،يموت ويخاف منه وعليه ، ظل قابضا عليه يستمد منه تفاصيله البسيطة الحميمة التي لا ترى ،من شوارعه ، من مقاهيه من حواريه .
هل صدقتم كذبة الكتابة الذاتية ؟ ، الأمر لا يتجاوز فكرة لعبة البازل ، القطع البسيطة التي تتجاور ،الهموم التي تتلاصق فتكون عالما إنسانيا ، هي ليست كتابة الذات إذن ، هي كتابة ذات العالم ، ذات إنسان العالم الذي تسحقه العولمة ، فيختبئ في تفاصيلها خلف كومبيوتر صغير ـ مثلي ـ و يشكو همه .
ماذا أقول إذن للذين يتهمون جيلا كاملا بالإغراق في الذاتية ، وفي الهموم الشخصية ، هل أقول : أيهما إذن أكثر التصاقا بالإنسان : عنترة الذي كتب عن بطولاته وحده ، الخنساء التي رثت أخيها فقط ، عمرو بن كلثوم الذي تفاخر بقومه لا غير ، أم شاعر صغير يكتب قصيدة النثر ويكتب هموم إنسان آخر يجلس في ركن ما من هذا العالم الشاسع يشاركه نفس هم الفناء والبطالة وهجر الحبيبة وزحام الباص وتغول الرأسمالية ، لا أريدها مقارنة ، لكل نص شاعريته ، لكل نص جمالياته محسناته البديعية كما يرى جدنا عبد القاهر الجرجاني ، لكل نص قارئه الذي يشعر به ، فقط لا تجردوا النصوص من شاعريتها ، ولا الشعراء من قصائدهم ، حتى لا نظل طوال عمرنا ندور في نفس الدائرة من الأسئلة التي لا نمل تكرارها .
حين شرعت في كتابة ديواني " مديح الغابة " كان العالم على وش الانفجارـ ألم ينفجر بعد ؟ ـ مجازر ومذابح في فلسطين ، توتر بين سوريا ولبنان ، أميركا أجهزت على أفغانستان وبدأت توزع دماء العراق على القبائل بالترتيب لاحتلالها ، إعلام رديء ، وأنظمة رسمية أكثر رداءة ، وعلى الناحية الأخرى كانت الاتهامات للشعر بأنه في عزلته مستمرة ، وما زال الذين يصرخون ـ بما يعتبرونه شعر ـ على جثث أطفال فلسطين والعراق وعلى صدام حسين والصحاف يصرخون ، وما زال الذين يروجون بالابتعاد عن القضايا الكبرى يروجون .
ماذا ستفعل بالشعر في جو كهذا ـ بل ماذا سيفعل بك الشعر ـ وأنت ترى عالمك ينهار ، هل يمكنك صياغة كل هذا الألم ، في قصيدة ، قصيدتين ، ثلاثة ، عشرة ، ديوان ، لا أعرف ، لكني وجدتني مدفوعا للكتابة عن الغابة التي توحشت ، أهجوها أم أمدحها ، لا يهم ، فبعض المديح هجاء ،وبعض الهجاء مديح، في الديوان طرحت أسئلتي التي لا أعرف الإجابة عنها ، ألا يقولون أن مهمة الفن هي طرح الأسئلة ؟
بعد خمس سنوات من كتابة الديوان ، كنت أكتب ديواني " طاعون يضع ساقا فوق الأخرى وينظر للسماء " عن العالم الذي أصبح أكثر سوءا ، يتمدد عنفوان المدينة أكثر فتشتد الحاجة إلى قصيدة نثر تقاوم عنفوانها ، كان القادة العرب كما هم بسياساتهم الفاشلة ، وكان السادة النقاد يطرحون نفس الأسئلة ، كانت أمريكا تستبيح العراق وسط عشرات التفجيرات ، وكانت الندوات في معرض الكتاب تسأل لماذا يكتب الشعراء قصيدة النثر ، كانت إسرائيل تدك غزة بصواريخها ، وكانت مقاهي المثقفين في وسط البلد تواصل نفي الآخر ، وتسأل أسئلة ـ أصبحت ـ مضحكة بمرور الزمن حول ماهية قصيدة النثر .
كنت أتذكر عالم الطلبة وأساتذة الجامعة الضيق في منتديات الطلبة بين الوقت والآخر ـ عندما كنت في الجامعة ـ هؤلاء الذين اختفوا تماما ، وأقول أنهم معذورون فهذا ما تعلموه ، ونحن لا نقبل التغيير بسهولة .
حين كتبت ديواني الخير كان الواقع السياسي و الحياتي لم يتحرك قيد أنملة ، وكانت الأسئلة التي تطرح في المنتديات الثقافية ـ حول قصيدة النثر ـ لم تتغير ، أدرك أيضا أنني بعد عشر سنوات ، سوف أدخل مقهى ثقافي في وسط البلد ، سأجلس على طاولة وأطلب شايا بالنعناع ، وسأسمع الشخصين الذين يجلسان بجواري يتحدثان عن جدلية قصيدة النثر ، ولن أعلق
سوف أكتب قصيدتي التي تعبر عني ، قصيدتي هي يوتيوبياي الخاصة ، مدينتي الفاضلة ،التي ألوذ بها من صهد الواقع ، هي منفاي الاختياري ، وسجني الأبدي ،هي الدم الذي سال من شاشات التلفاز فأغرق الساهرين يضحكون ، هي ضجيج المظاهرات وصراخ المعتقلين ، هي نداءات باعة الفل على الكورنيش ، وكلام الأحبة ، ورسائل الاس إم إس ، هي ضجيج المقاهي ، وابتسامات تخفّت خلف أكف بنات الثانوي ،هي الحب في طلته الأولى ، هي الفراق والدموع في العينين ، هي المدينة التي جعلتني اكتب قصيدة النثر ، هي رحيل الأمهات والآباء ، وصرخة أم في غرفة العمليات ، هي ضحكة طفلى ، هي حزني ووحدتي ، هي أنا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في مجلة الكتابة الأخرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق