سأحكي لك حكاية، في
يوم من الأيام أقام الملك حفلة تضمنت أجمل الأميرات في المملكة. أحد الحراس، وكان يدعى
باستا، رأى ابنة الملك، كانت أجمل الموجودات، فوقع في حبها، ولكن ماذا يفعل جندي فقير
مع ابنة ملك ؟
في يوم من الأيام دبّر
لقاءً معها، وقال لها إنه لا يستطيع العيش بدونها، تأثرت الأميرة بشدّة من عمق مشاعره،
لدرجة أنها قالت له: إذا بقيت منتظراً مائة يوم ومائة ليلة تحت شرفتي، فسوف أكون لك
في النهاية، بحقّ الله.
ركض الجندي بعيداً،
وانتظر يوماً، يومين، عشرة، عشرين، كل ليلة كانت الأميرة تنظر خارج الشباك، ولكنه لم
يتزحزح.
جاء المطر، و الريح،
والثلج، تبرزت الطيور فوقه، وأكله النحل حياً، ولم يتزحزح.
بعد تسعين ليلة أصبح
سقيماً شاحباً، والدموع تجري في عينيه ولكنه لم يستطع إيقافها. لم يعد يمتلك القوة
لينام. وطوال هذه المدة كانت الأميرة تراقبه، وفي الليلة التاسعة والتسعين، هب الجندي
واقفا، حمل كرسيه وغادر المكان.
لا أعرف كيف، فهكذا انتهت القصة، ولا تسألني عن مغزى ذلك، فأنا
لا أعرف.
لا أحد يملك أن
يقرأ نهاية القصص، لأن التاريخ يكذب كثيرا، المخرج الإيطالي جيوسيبي تورنتوري، لم
يكن يعرف نهاية القصة، ولم تقدم سينما
باراديسو إجابة للسؤال، عن المستقبل وعلاقته بالمقدمات.
كل النهايات مخيبة
للأمل، القصة الماضية لا تختلف عن قصة التمويل الأجنبي، التي أشعر المجلس العسكري
الناس فيها بأن رأسه برأس أمريكا، وأنه سيلقي أوباما في البحر، وسيقف يتفرج عليه
من على الشط، تشبه قصة حازم أبو إسماعيل، الشيخ التقي الذي كذب علينا جميعا، تشبه
قصة اليسار المريض الذي يتصارع زعماؤه على رئاسة حزب، تشبه قصة الإخوان والعسكري
والصراع على الكعكة، تشبه قصة الخلاف مع السعودية الذي انتهى بذهاب وفد رسمي للاعتذار للملك، تشبه قصة الوطن، الذي لم يعد
يعرف إلى أين يسير، ومن الذي بيده خيوط اللعبة.
الجميع يتحدث الآن
عن انتخابات الرئاسة، وكأنها طوق النجاة لمصر. أعرف أنه بعد انتخابات الرئاسة
سيغادر المجلس العسكري الحكم، ويعود إلى ثكناته كما وعد، وكما نتمنى، لكن هل تكون
هذه هي نهاية القصة وبداية النهاية السعيدة التي نراها في الأفلام.
كما قلت النهايات
السعيدة في الأفلام العربية فقط، فلا بعد مائة يوم من الانتخابات الرئاسية ستصبح
مصر دولة عظمى، ولا بالاتصالات الهاتفية سنحل المشكلة الأمنية والاقتصادية، لا
تصدقوا من يقول لكم ذلك، فلا الطرف الثالث سيلملم ملابسه ويرحل ولا الأطراف
السياسية المتصارعة ستتزوج زواجا كاثوليكيا.لم يتوقع الذين خرجوا يوم 25 يناير،
والذين استحموا بقنابل الغاز والرصاص المطاطي يوم 28 يناير، والذين دهستهم الجمال
يوم 2 فبراير، والذين لم يوقفوا سيل الدموع من عيونهم بعد تنحي مبارك يوم 11
فبراير، لم يتوقعوا جميعا أن تكون هكذا النهاية.
لكن ما أغرب
الواقع، وما أغرب الحقيقة، عندما نجد أن على رأس المرشحين للرئاسة رموز النظام
السابق، وزير خارجية لم يتخذ موقفا حقيقيا خارج إطار الكلام، ورئيس وزراء كان
موجودا في موقعة الجمل، ولم يفعل شيئا، هل كانت البدايات تقول هذا. لا. لم تقل هذا
إطلاقا.
يقول ماركس إن
التاريخ عندما نجره للتغيير يمر عبر المنحنيات القذرة، ومن الواضح أن مصر بعد
ثلاثين عاما من الجمود، تنزع قدمها، لتضعها في مستنقع تلو الآخر، ما يحدث للثورة
الآن، هو منحنيات قذرة بالفعل، بحسب توصيف ماركس، صنعها رجال أعمال النظام السابق
تارة، والمجلس العسكري تارة، والقوى
السياسية مجتمعة، ومتفرقة بنرجسيتها، تارة، وتارة.
أقول لك.. لا
تسألني ما الذي سيحدث غدا، فأنا لا أعرف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق