بمجرد أن أعلنت وكالات الأنباء الأمريكية عن وقوع
تفجيرين في بوسطن، وقبل أن يتم الإعلان عن أن الانفجارين نتاج فعل إرهابي، قفزت
التحليلات لتؤكد أن من فعلها "مسلمون".
التحليلات والاتهامات لم تكن أمريكية فقط هذه المرة، بل
كان أول ما طاف بذهن كل إنسان على سطح هذا الكوكب، هو أن تنظيم القاعدة فعل شيئاً
جديداً، أو أن متطرفين إسلاميين فعلوها مجدداً كما فعلوها من قبل في 11 سبتمبر
2001 بتدمير برجي التجارة، ثم فعلوها بتفجيرات 11 مارس 2004 بمدريد، ثم فعلوها
بتفجيرات 7 يوليو 2005 في لندن، وغيرها كثير من عمليات إرهابية استهدفت أرواح
الأبرياء دون أي ذنب.
فعلى الرغم من التوتر السياسي ما بين أمريكا وكوريا
الشمالية، وتهديد الأخيرة بضربها بالصواريخ النووية إلا أن الاتهام لم يطل كوريا
أبداً، بل انتقى المسلمين، والعرب وحدهم، وهو ما ثبت بعد أن اتضح في النهاية أن
المتهم في التفجيرين شيشاني مسلم، متزوج من أمريكية أسلمت وترتدي الحجاب.
كل العرب والمسلمين فكروا أن من فعلها
"مسلمون"، بعضهم فكر في أنه لن يستطيع السفر إلى أمريكا مرة أخرى،
وبعضهم فكر في التضييق الأمني في المطارات، بعضهم فكر في أن أمريكا قد تنتقم مرة
أخرى مثلما فعلت في أفغانستان والعراق، مع الأخبار المتواترة عن حريق في مكتبة
كيندي وإرسال مادة سامة إلى أوباما تذكر بالجمرة الخبيثة، لكن أحداً لم يفكر أو
يتساءل لماذا أصبحت وصمة الإرهاب تطارد المسلمين في كل مكان، على الرغم من كل
الدماء التي دفعها أطفال ونساء وشيوخ المسلمين في أفغانستان والعراق، ولماذا أصبحت
التفجيرات والسيارات المفخخة حكراً على العقلية الإسلامية، ولماذا أصبحنا في
التاريخ نحمل وشم "قتلة الأبرياء" كأنه العار.
إذا لم يكن
بإمكاننا أن نغير الصورة الذهنية للعرب والمسلمين في العالم التي تسبب فيها تنظيم
القاعدة، وأفرعه المختلفة في العراق وبلاد
الرافدين والشام والمغرب العام، فبإمكاننا أن نغير المستقبل، لكن يبدو أننا لسنا
حريصين على ذلك ولا نريد، فمن يتأمل ما يحدث في العالم العربي من اضطرابات سياسية
بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم، لن يغير فكرته عن "العربي الإرهابي"، بل
سيزيدها أكثر، ولعل ما حدث مع السفير الأمريكي في ليبيا بعد الفيلم المسيء للرسول
أكبر دليل على هذا، ناهيك عما يحدث في
العراق من تفجيرات طائفية ومن مواجهات في مالي، ولعل الاضطرابات اليومية في مصر وليبيا
وتونس، دليل يومي، حتى لو كان بعضه غير حقيقي، على أننا لا نريد أن نغير الصورة.
لكن الدليل الأبرز والأمر، هو إعلان جبهة النصر في
سوريا، والتي تقاتل في صفوف المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، انضمامها لتنظيم
القاعدة، وهو ما يضع الثورة السورية في مأزق حقيقي، ويعضد ما يقوله الرئيس السوري
من أنه يحارب الإرهابيين، ويجعل المواطن العادي يسأل نفسه في حيرة: هل يؤيد بشار
الذي يقتل الأطفال أم يؤيد من ينتمون للقاعدة؟،
ما الذي تتوقعه إذن من العالم عندما يعلم أن "ثوار سوريا"، أحد
فصائل تنظيم القاعدة، وكيف سينظر هذا العالم إلى ثورات دول الربيع العربي؟ كيف
سيفكر فيها؟
سنظل إرهابيين لأننا أصبحنا كذلك في نظر أنفسنا، ولن
يغير العالم نظرته لنا حتى نثبت العكس، ويبدو أن هناك من لا يريد للأسف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق