أجرت الحوارهبة اسماعيل.
يقدم الشاعر محمد ابو زيد في روايته الاولي أثر النبي الصادرة عن دار شرقيات تصورا جديد للنكسة التي سكنت جيلا بأكمله واصبحت نكسة شخصية لكل فرد يعيش بحلم موءود, كما تنظر في الإحباط الذي تمكن من جيل باكمله, مما جعله في حالة هروب دائمة, بعد رحلة بحث عن علامات يتبعها أو عن أثر يتركه, وكل هذا يدور في جو صوفي ما بين مديح لآل البيت أو بعض المقولات لابن الفارض وجلال الدين الرومي أبو زيد الذي يعمل في الصحافة صدر له من قبل خمسة دواوين شعرية هي ثقب في الهواء بطول قامتي2004 ـ هيئة قصور الثقافة قوم جلوس حولهم ماء2005 ـ عن دار شرقيات للنشر, نعناعة مريم2006 ديوان للأطفال عن كتاب قطر الندي, مديح الغابة2007 الهيئة المصرية للكتاب, طاعون يضع ساقا فوق الأخري وينظر للسماء2008 دار شرقيات.وفي حوارنا معه يكشف الكثير من معاناة جيله, ليس علي صعيد الكتابة ولكن علي صعيد الحياة وهذا نص الحوار.
* ماذا قصدت بفكرة الأثر القائمة في الرواية؟
** ما قصدته بفكرة الأثر, اتضح من خلال جملة لأحد شيوخ الطريقة الذي كان يذهب اليه البطل في قوله: اتبع العلامة واترك الأثر.. كلنا نبي نفسه, فاللبس رداء تقشفك, واترك الناس تتبع أثرك وهو بذلك فك شفرة الرواية, فكل منا داخله نبيه الخاص وطريقه الخاصة, وعلي خلفية احدي المقولات الصوفية إتبع قلبك, حاول ابطال الرواية ان ينفذوها بحثا عن علامات يتبعوها وعن آثار يتركونها ولكن لم يجدوا شيئا, وهذا يرجع إلي الجو السياسي العام والإحباطات العامة.
* أظهر الجيل الحالي بالرواية كما انه الإكثر احباطا؟
** الفكرة تتركز في ان جيل الستينيات دائما يقول انه جيل النكسة وجيل السبعينيات يقولون انهم من تأثروا بالنكسه في حين أنها نكسة لشخص واحد هو عبدالناصر الذي كان للعالم العربي اقرب إلي الأب منه إلي الزعيم, وبالرغم من ذلك استمر الحلم العربي باقامة وحدة عربية, لكن النكسة الحقيقية كانت لجيلنا وبدأت من غزو العراق للكويت سنة1990 وانتهت بسقوط بغداد في2003 وكلنا شهود علي هذه الاحداث, كما يقول أبطال الرواية هي نهاية الوطن العربي, وكل ما نفعله اننا نشاهد ولا نفعل شيئا آخر, والخبر الذي كان يكتب عن مقتل عدد من العراقيين في الصفحات الأولي, ربما لا يكتب الآن في الصفحات الداخلية, وكل شخص اصبح منغلقا علي ذاته فهذه هي النكسة الحقيقية وهي عقدة الرواية وليست نكسة شخص لكنها وطن بالكامل.
* لكنك عرضت النكسة علي مستويين؟
** نكسة الوطن هي نكسة كل فرد, فالوطن مجموعة أشخاص وكل واحد منهم يهزم وينقلب علي ذاته, لن يصبح هناك وطن ولا حلم له, كل شخص كان لديه حلم يوئد طوال الوقت وينتكس, فقصدت أن تكون الإنتكاسة علي مستويين وكل منهما يسلم للآخر, حتي القارئ يمكن أن يقرأها علي أنها هزيمة شخصية, ويمكن لقارئ آخر أن يقرأها علي أنها هزيمة وطن كامل.
* لماذا جعلت زمن الرواية دائري ينتهي من حيث بدأ؟
** قصدت فكرة الدائرة فهي جزء من النص, البطل يدور دائما في دائرة لاتنتهي ولايستطيع التوقف, رغم محاولاته الدائمة للفرار منها دون تحديد هدف يهرب إليه.
* ماذا قصدت عندما عرضت المشاهد بشكل عبثي؟
** البطل يروي النص وهو مهزوم لذا ما يأتي في ذهنه من حكايات يرويها بدون ترتيب, فقصدت ان أوضح انه ملعثم يحكي ويصرخ, بالإضافة إلي أن بناء الرواية ليس طوليا به مشاهد مرتبة, لكن أردت ان يكون البناء خليطا بين الطولي والعرضي حتي يصبح نصا مختلفا.
* لماذا جعلت الهروب حيلة البطل الوحيدة؟
** الاساس هو الهروب من الواقع المحيط حتي عندما فكر بطل الرواية في الطيران هذا في حد ذاته كان هروبا من الواقع, وعندما حلم بالسفر للقاهرة ليكون مجرد رقم ضمن الموجودين بالشارع فهذا ايضا هروب وبعدها يريد ان يسافر إلي الخارج فهو ايضا هروب لأنه مش لاقي نفسه طول الوقت لذا يستمر بالهروب حتي أخر مشهد بالرواية.
* ولماذا ربطت الهروب بالدين؟
** الدين في مصر حالة من حالات الهروب من الواقع, مثال التصوف هو هروب بحالة وجدانية, والشخص الذي يدخل الجماعة يهرب من فراغ سياسي لحالة دينية, كلنا نهرب للدين بشكل ما, ونري أن الناس تصلي عند الحاجة, وهذا عيب في شخصيتنا فيجب ان يكون الدين جزءا من حياتنا, وبطل الرواية دخل كل هذه التيارات هروبا, وأرد ت ان أطرح سؤال هل الهروب إلي الدين يؤتي ثمارة أم لا, حتي عندما تحقق للبطل ذلك في لحظة في حلقة ذكر إلا أنه كان حلا لحظيا.
فأنا أكتب الرواية بصفتي شاعرا ولست روائيا محترفا, فطوال الوقت أجرب وليس لدي أدوات مسبقة للكتابة الروائية, فما اكتبه يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ, لكن الموضوع مجرد تجربة حول مباراة كرة قدم رأيت أن هذا مكانها.
* ألا تري أن كتابة الرواية في سبع سنوات مده طويلة؟
** بدأت في كتابة الرواية بعد حرب العراق, ربما بسبب الشحن العاطفي, فما كان يمكن فعله في ظل ما يحدث سوي الكتابة, كتبت الهيكل الأساسي لها في2003, واشتركت في مسابقة يحيي حقي التابعة للمجلس الأعلي للثقافة, وأنا في السنة النهائية بالجامعة, وفازت بجائزة, ثم اصدرت خمسة دواوين شعرية, لكن في السنة الأخيرة2010 بدأت العمل عليها مرة أخري, وأخرجت منها الشحنة العاطفية, وأكملت البناء الدرامي لها, وقصدت ألا أغير في الشخصيات وأحافظ علي التظاجة التي كتبت بها.
* ما دلالة ان تبدأ الرواية من فترة غزو العراق للكويت؟
** لأن هذه بداية النكسة الحقيقية, فالكاتب أحمد بهاء الدين مات بسبب هذه الحرب لأنه مثل الكثيرين الذين لم يصدقوا ما حدث لأنهم عاشوا حلم الوحدة العربية وأيام عبدالناصر, ولم يصدقوا أن دولة عربية تحتل دولة عربية أخري ويضيع الحلم العربي, لكن النكسة إكتملت بالحرب الأخيرة علي العراق.
* لماذا استدعيت بعض شخصيات الرواية من دواوينك السابقة؟
** هذا حقيقي لأن الكتابة بالنسبة لي ليست مجرد كتابة نص, أو ككاتب يفرغ همه للناس أو للنشر حتي يوجد قراء, كل هذا ليس المحرك الأساسي بالنسبة لي, الكتابة هي الوجود وسبب أن يكون الإنسان موجودا في الحياة, يمكن للبعض ألا يصدقوا ما أقول لكن هذه هي الحقيقة, وكما قال الشاعر أمل دنقل الكتابة عندي بديل للإنتحار أي هي التي تجعل الانسان يعيش, واستعنت بشخصيات من الرواية في ديواني القادم, وهناك بعض من فصول الرواية هي شرح لقصائد يمكن ان يكون البعض لم يفهمها في دواويني السابقة, لأن الكتابة بالنسبة لي مشروع واحد ونصوص أكملها في كتب ثانية, أي أن الكتاب تمثل لي حالة مكتملة وعندما انتهي من مشروعي سيعرف القارئ ما اقصده.
** كيف اخترت الفقرات التي سبقت كل فصل وماذا قصدته بها؟
* كانت هذه الفواصل بديلا لاسم الفصل وهي تدور علي فكرة الفصل ليستطيع القارئ أن يستشف مضمونه قبل قراءته وأردت في النهاية ان اضع أربع مقاطع من اصل خمس في أجواء صوفية تكون رابطة للأحداث, لأن هناك حالة صوفية من خلال اللغة ومن خلال الجو الديني, ولأن الصوفية هي هروب وأن هذه المقاطع تصلح ان تكون بوابات للخروج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشر في جريدة الأهرام المسائي
هناك تعليق واحد:
ربنا يكرمك ويوفقك ويزيدك من نعنه
خالك الحبيب
عبدالحميد عامر
إرسال تعليق