13‏/06‏/2007

نعناعة في فستان عائشة


هامش 1

هزوا أيديكم بالرفض ، أو اثنوا المقعد ، واهجوا كل سرائركم، لم أبصر شيئا بعد ، ما زلت أسير اقبل كل شوارع هذى الدنيا وأدق على الأبواب لعل الصامت يفتح ، عل الصائم يفطر ، عل العنقاء تصب الشاي ، تبيح لهذا الإعصار الطمث ، وإشعال الفانوس ، وتضييق الدبلة بعض الشيء بخيط بنى .

هامش 107

فاتحتي كيف تكون المنفى وأنا لم اعرف عنقاء ، ولم اخرق شفتيها ، لم أطه لها قلبي ، الجورنال يصب الإعلانات على كفى كي أغسل وجهي ، فأسب العربات العرجاء ، ولا أعرف ماذا أكتب، فالناس كعادتهم لا يرجون السيد أن يزرع نعناعا في شرفته أو يرتق مريلة الطفلة ، أو يغزو أسنان الإرهابي بمعجونه ، الناس اعتادوا النوم المتقلب تحت سرائرهم ، أو فوق الحائط ، يرثون الأطباق الفارغة وأكياس السكر ، وبقايا الديموقراطية بين الضرسين الشيطانين ، الخيل تعفن في البدروم فمن يسرجه ، من شيعني منذ ثلاثة أعوام دونك ، فدعيني أهجوك قليلا ، قد ألقي فاتحتي خارج عينيك .

هامش 925

سريالية عينيك تروعني ، تنسيني القهوة حتى تبرد؛ تنسيني أن أتغطى من برد لا يستأذن ، من وزع شاي صباح الوقفة للمارين سواي ، ومن أرسل عينيه إلى غرف العمليات ومات كحجر في صبح قاس إلا هذا التاريخ الملقى مثل زعانف سمك مر ، حدق يا هذا المقهى في عيني اتركني حتى ارثي عيني عائشة قليلا
قد اكوي قمصاني تحت سريري واعد لأعدائي بعض شطائر من جثث النمل الثمل على كتفيك ، الشعب / المطر يواصل حملقة في قبر الخطاط البكر ولا يكتب في الجورنال سوى شعرا أعرج ثم يواصل كنس الدنيا بلسانه.وأنا ..
مثل مريض بالسكر أذوي في سريالية عيني .

* * *

قطع ( 1 )

( من الممكن اعتباره خارج السياق : (لأنه ضعيف وتقليدي
وكأن صوتك حين رفرف في المدى
قيثارة تشدو بصوت كالندى
سكت الجميع وهام قلبي في الهوى
خر الأنام من الطلاوة سجدا
لكنني دون الجميع سقطت في
بحر الهوى والعشق منى قد بدا
فعشقت صوتك حين غرد ساحرا
قطعت أيادي كل من مد اليدا
فصبابتي فوق السحاب يمامة
تهفو إلى قلب جريء خلدا
ترنو إلى حلم حيى عشته
في خاطري يحيا ملاذا موردا
ويظل يربو الحلم حتى تشرقي
فيفر منى كل صوت أو صدى
فكأن طيفك حين لاح بخاطري
جنات ربى والأماني والهدى

* * *

هامش 1226

أخشى أن أجدك أثناء مروري، ملقاة تحت الحائط، أو في زيت القلي المستعمل، أخشى أن أهواك فلا أحيا، أخشى أن أحيا وأنا لا أهواك، أخشاك الآن، الشارع يا عائشة كئيب، نزق كالقبر، تقاطر فيه المارة كرمال لم تعرف فعل الريح ( متى ستجيء الريح لكي تكنس أبار البترول وأبناء الـ ... ) لم تعشق فرسا بقميص مشروخ، الشارع لا يعرفني، الشارع يكرهني ويخطط كي يقتلني، وعيونك لا تصلح مأوى لي .

هامش ( 1515 )

في ميدان العباسية لما مر الباص، حكت سوزان عن الإستاد،عن الأسماك الطائرة وعنى ، وأنا أيضا لم احك لها شيئا عن عبد الناصر ، عن طاولة المقهى عن ... .... ... ... .... .... كان الباص شيوعيا أيضا ... ...........................................................................


هامش 1577

نحن الستينيون إذن، لا نصلح كي نتصادق إلا في المقهى، لا نصلح إلا لمظاهرة، كي نكتب شعرا يدعوه المارة يأتي سعيا، يأكل يشرب يمشى في الأسواق، يحب بنات الجن وحوريات البحر ( إذا ما امتلأ الشارع بعساكر أمن الدولة، تسقط أولى طبقات الأرض وتهذي السماوات، ولا ألقاني إلا فوق الورقة، لا اكتب شعرا لا اطهي إفطاري لا أبكى لا أحيا، هذى النافذة تحك أصابعها في الحائط كي تسقط ثوارا في ميدان التحرير، يبيعون الهرات شواربهم ثم تنام بمصف العينين بنصف الشيشين وتهذي بوصايا حسن البنا

قلمي الآن توقف كي لا يحزن حزني

تعرفني عيناك ولا اعرفني ، يهجوني الضفدع لما يقفز فى الليل من الماء وتهجوني اللمبة لما تحترق وتهجوني الحرب إذا قامت، فالستيني أنا، أعرف كل شوارع جسدك يا عائشة، واغرق فيها حتى يسرق منى العمر يضيع حذائي ، حتى ابصر فى شارع رمسيس مظاهرة فأدير عيوني نحوك كي أذوي اكثر .

* * *

قطع 2

من الممكن أيضا اعتباره خارج السياق : لأسباب لن اذكرها الآن
:
صمتا
فهنالك بنت بصت من نافذة نحوى
كنت أطير إلى أعلى
ونوافذهن مغلقة
كانت كسعاد
لما صرت بطول النخلة لبست ثوبا احمر
سكبت لي فاكهة ، عنبا ، أبا
فرعيت، عطشت، وذقت الهدروجين، سكرت
وطرت لأعلى
من أي مكان جاءت
حتى تخبرني أني عار منى
غاصت قدمي في الرمل
وغاصت عيني في الأحمر
فثملت، رقصت ، وذقت، عرفت، فهمت وهمت
لتجلس فوق الهودج
أسفل قدميها قط يتأملها مثلى
سمت الخيل لكي تنظر للوقت، إليها
عيناها
( أي بكاء يجدي )
شفتاها
( أي صراخ ينفع )
... ... ...
( أي موات يأتي يرحمني )
الوقت الهمجي كتنين الصالة
قد يقفز فوق الكوبري
يصرخ ممتدا في الشارع
لما حاصر عيني، رقصت، فابتهجت صفصافة شارعها
لما هزت كتفيها
صادتنى، صعدتني، صدتني
... ... ...
... ... ...
إبريل الأزرق
هل يدرك أني من غير نقود
* * *
هامش : مايو 1980
من يسحق من ، والطاحونة لا تتوقف ، والقهوة مازالت تتثاءب ، والدرب الأحمر يركل كل المارة نحو الدور الثاني فارفع قدميك وطر، علق عينيك كلافتة تهدى الطاغي والعاصي والتائه في الصحراء ، تنهد، منذ ثلاثة بلدان وأنا أسأل من اغلق هذى الشرفات لكي أهذي ، من فتح المقبرة، وزين وجهي، مشط شعري عمدني قدمني في رفق كي أستيقظ في الرابعة صباحا وأنا أتمنى أن اترك مروحة السقف تدور تمزق منديل العاشقة الصغرى ، أنسى النعناع إلى أن ينبت غيري ، فأعد شطائر خرس للمارة وأنادى الصم فلا يأتيني أحد

( كنا في يوم أصحابا
... ... ... فلماذا )
لأظل إلى أن يأتي الباص ويسألني : من يسحق من ؟ في قصر مهجور كانت كل سرائره بيضاء كغرفة ( دنقل ) كان الصبية سمر الوجنة، عبروا الشارع لما شافوا آخره قطات ، عبروا القنطرة إلى أعلى كتفي، وشافوا هامان يصوغ لقارون الموتى هبطوا لسرائرهم يبكون بدوني لما انتفضت أطعمتي نبت الشارع فوق وجوه الخونة، نبح الصامت فوق السطح الأعرج ، بدأت أسوار القبة تتعالى حتى اصطدمت بسماء صماء، كنت أمر عليكم، لا اعرف من يسحق من، البنت ستدفع قدميها لا تدعو أحدا ، تنتظر الثانية صباحا كي تلقى عينين مؤنبتين فلا تلقى من يسحقها والغازون سيمشون بلا ملل كل شواع " كايرو "ويشوفون القمر مساء ويحبون الشاي ثلاث ملاعق سكر وقليلا من حمض الكبريتيك .


متن 18 /2 /1996

الشوارع نائمة بالزكام
فغطى قليلا
ندى ركبتيك
لئلا تئني
وحتى يصوم المطر

01‏/06‏/2007

مديح الغابة

مديح الغابة
كل ليلة يفعل هذا
قبيل الفجر
يضيء مصباح الصالة
يغلق الأبواب والشبابيك
وأنبوبة البوتاجاز جيدا
يشد الغطاء على كتفي زوجته
حتي لا تفزع
يرتدي بلوفرين
ويجهز بطانية، وغياره الداخلي
ينير لمبة السلم
حتي يروا باب الشقة فلا يزعجوا الجيران
يودع أباه الذي يغفو في برواز أسود
ثم يجلس منتظرا دقاتهم
هذه قصيدة كاملة للشاعر محمد أبو زيد المولود سنة 1980 من ديوانه الجديد مديح الغابة الذي جاء بعد ثلاثة دواوين علي التوالي ثقب في الهواء بطول قامتي ونعناعة مريم وقوم جلوس حولهم ماء وأريد قبل أن أقرأ معكم شعره الجديد أن أحرر الديوان من دلالات ما بعد حداثية قد يستدعيها العنوان.. إذ أن هناك تيارا فيما بعد الحداثة يري حماليات القبح والقتل والتوحش والجريمة والفجاجة ويحتفي بها مغيبا الإنسان في اللامبالاة العدمية أو الانغماس الوجودي في ذاته أو الاستمتاع بالقسوة والتشفي بالعذاب ولعلنا نجد في رواية العطر لتوسكنيد والفيلم الذي أنتج عنها، كما في فيلم صمت الحملان قبل سنوات والذي حصل علي عدة جوائز أوسكار وجري التهليل له من الزاوية التقنية العالية لعلنا نجد فيها نماذج للاحتفاء بالهمجية وتمجيدها.والحمد لله أن هذا التيار ليس وحيدا ولا كاسحا في عالم ما بعد الحداثة، الذي وصفه واحد من أكبر نقاد عصرنا هو فريدريك جيمسون بأنه المنطق الثقافي للرأسمالية الاحتكارية المتأخرة.. ووصفا ما بعد الحداثة أيضا بأنها الحداثة العليا ملتقطا مظاهر التفسخ التي حدثت في الواقع العالمي كله نتيجة لسطوة الاحكتار والاستغلال الكثيف الذي يصيب الإنسان بالعجز مع التحول الهائل من قوي الإنتاج والاستهلاك وانبثاق نوع جديد من السطحية بالمعني الحرفي للكلمة، إذ يعيش الإنسان غير مرتاح في عالم التقدم التكنولوجي المتسارع مع عدم اليقين الإيديولوجي، وزاد سقوط المعسكر الاشتراكي الطين بلة حتي أصبح الوعي العلمي دون يقين مشكوكا فيه بدوره وعاد الاستعمار العسكري ليطل برأسه من جديد.ورأس جيمسون أيضا أن الرأسمالية تنفي الثقافة أصلا بمعني تناغم الإنسان مع عالمه وسيطرته عليه عبر المعرفة والفن والقدرة الدائمة علي الابتكار التي جري انتزاعها منه لصالح السوق. فالرأسمالية تعني المنفعة العارية والربح بأي ثمن.الشعر هو إذن عدو لما بعد الحداثة بهذا المعني وعلي العكس تماما مما يدعيه بعض المهووسين بموضة الأساليب الجديدة التي ما أن تظهر في أوروبا وأمريكا إلا وتموت بسرعة قبل حتي أن يستوعب المتلقون لماذا ظهرت ولماذا ماتت بسبب هذه السطحية التي تحدث عنها الناقد فما من شيء يلمس أعماق الروح الإنسانية وأشواقها الغامضة إلا فيما ندر بعد أن تحولت الفنون إلي سلع تجارية وازداد اغتراب الإنسان إزاءها وإزاء نفسه
ينتمي هذا الديوان الجديد لقصيدة المشهد المرشحة لشعبية واسعة والتي أخذت تنتشر ببطء في الشعر العربي الحديث متأثرة بفنون السينما وثورة الاتصال، فنجد عنوانا لقصيدة " ليل خارجي " و " يدي وردة أصابعي شوكها " ونقف علي مشهد غرائبي كالآتي " كان يراقب سقوطه من الدور الأول /بهجة/ يفكر/ ماذا لو التقط له أحد المصورين صورة 9 ×15 هل سيدخل بها جينيس
الإنسان هناك دائما في عالمه بوعيه وقلقه سواء وهو يرتعش حين يري الوردة أو وهو ينتظر الشرطة التي ستقتاده لمكان مجهول، ويبقي هؤلاء الشعراء الذين تنبت لهم قصائد في أجنحتهم ليخربشوا بها الهواء.
الغابة في هذا الديوان ليست التوحش والقتل وإن كان الموت مخيماً لكنها الحياة البرية التي تنبت فيها ورود علي الخدود.. إنها ما بعد حديثة لكن بطريقة أخري تحتفي بالحياة وبإنسانية البشر رغم كل شيء بل وبفعالية هؤلاء البشر في الواقع علي بؤسه وقبحه دون تجميل للبؤس والقبح.