01‏/10‏/2009

هل أنقذ الله اليونسكو من الفنان فاروق حسني ؟

على مدار سنوات عمري لم أعرف أن لمصر اسما آخر غير اسمها الذي ينادونها به في المنتديات الدولية " مصر " وأحيانا في الأغاني يدللونها ب " أم الدنيا " ، لذا كنت مذهولا عندما عرفت أن مصر خسرت في اليونسكو ، وليس فاروق حسني هو الذي خسر لأسباب انتخابية بحتة ، ولم أعرف حتى الآن متى أصبحت مصر تحمل اسم فاروق حسني ، ولا متى أصبح فاروق حسني يحمل اسم مصر ، وإلا كان من حق كل وزير في الوزارة أن يحمل نفس الاسم سواء كان فاسدا أو طالحا أو لصا ، أو فاشلا .
الذين يتحدثون عن أن مصر هي التي خسرت في الانتخابات قد لا يعرفون أن مصر لم تترشح أصلا ، هي نفسها لم تعرف أنها داخلة الانتخابات ، مصر كانت وقتها تقف في طابور الخبز لأولادها الذين ماتوا من الجوع والبطالة والأكل المروي بمياه المجاري ، والسؤال الأهم هنا : هل فاروق حسني هو الشخص الأمثل للتعبير عن ثقافة مصر وحضارتها وتاريخها للترشح للمنصب ، وهل كونه ظل في كرسي الوزارة رغم أنف آلاف المثقفين مبررا لذلك .
والذين يتحدثون عن مؤامرة وتربيطات لم يتعودوا على انتخابات شفافة بعيدة عن انتخابات الحزب الوطني ذات الصناديق " المتقفلة " مسبقا ، و" خد نص خمسين جنيه وانت داخل تصوت والنص التاني وانت خارج " ، فاروق حسني نفسه مارس في انتخابات اليونسكو لعبة التربيطات والضغوط ، أم أن الأمر حلال علينا حرام على غيرنا ، لسوء الحظ فاروق حسني أنه لم يكن مرشحا باسم الحزب الوطني ، ولم يكن من يقود له الحملة الانتخابية هو كمال الشاذلي ،ولم يهتف أمامه أحد " الأسفلت مولع ليه ، علشان فاروق ماشي عليه " ، لسوء حظه أنه خاض انتخابات عادية نزيهة فخسر كنتيجة متوقعة ، لكننا لم نتحمل هذا فأخذنا نروج لنظرية المؤامرة .
الشيء الذي يدعو للسخرية هو مانشيتات الصحف القومية التي تهاجم أمريكا وحوار الحضارات ، أليست هذه الصحف هي التي تروج لهذا الخطاب طوال الوقت ، وعندما فاز محمد البرادعي بمنصب الوكالة الدولية للطاقة الذرية ـ وهو أهم ـ دو ترشيح من الحكومة ـ لحسن حظه ـ لماذا لم تتحدث الصحف عن المؤامرة واللوبي الذي يتآمر ضد مصر ، الشيء الاكثر مدعاة للسخرية عندما تخرج صحيفة قومية تتباكي لأن الوزير المسلم لم يفز في الانتخابات ، مع أن فاروق حسني لا يحمل خطابا إسلاميا ، بل هو طول الوقت يفخر بعلمانيته ، ولا هو خطاب الصحيفة التي تفخر بنفس الشيء وتنتقد طوال الوقت الثوابت الإسلامية .
على مدار 22 عاما هي عمر الوزير فاروق حسني في وزارته ، لم يتوقف يوما عن إثارة الغبار والمشاكل ، ودفع المثقفين إلى حظيرته ، ومصادرة الكتب ، وارتداء زي الشيخ تارة ( في أزمة الثلاث روايات ) وزي الوزير العلماني تارة أخرى ( أزمة وليمة لأعشاب البحر ) و التصريح بما ليس هو موضوعه ( أزمة الحجاب ) والتراجع عن نفس التصريحات ( نفس الأزمة ) وحرق المثقفين ( حريق قصر ثقافة بني سويف ) والترغيب والترهيب والمنح والإبعاد ( ازمة جوائز الدولة كل عام ) الفساد المؤسسي ( أزمة حبس مساعده محمد فودة ) فضح المثقفين على يد موظفيه ( أزمة سكرتيره محمد عبد الواحد وكتابه مثقفون تحت الطلب ) انهيار آثار مصر (حريق المسافرخانة ونهب وسرقة منابر وأبواب المساجد التاريخية ) . .. هل نقول كمان ؟ ، إذن مع كل هذا النجاح الذي استمر 22 عاما ، كيف فكر الوزير الفنان أن يحمل اسم مصر مع كل هذه الإنجازات إلى اليونسكو دون أن يخسر ؟
السؤال الذي يجب طرحه الآن ، هل خسرت اليونسكو كثيرا بعدم فوز فاروق حسني بمنصب مديرها العام ، أم أن الله كان رحيما بها فأنقذها من براثن الوزير الفنان ؟
عزيزي القارئ : ارمي ورا ضهرك !!

25‏/08‏/2009

الهروب الكبير

أكثر من 60 مسلسلا رمضانيا ، وعشرات البرامج ، أي أنك إذا قررت أنك ستقاطع النور وستظل مستيقظا طوال ال24 ساعة ، وأن توقف عن العمل والسير في الشوارع والصلاة ، وأن تتفرغ فقط المسلسلات ، فإنك لن تشاهد أكثر من 24 مسلسلا على اعتبار أن هناك مسلسلا يعرض كل ساعة ، أي أنك في النهاية لن تتابع حتى ربع ما يقدم على الفضائيات
تحول التليفزيون في رمضان إلى عذاب للصائمين الذين أصبحوا يفكرون في إنهاء أعمالهم مبكرا ، والهرولة للحاق بحلقة جديدة من مسلسل جديد ، وفي ظل شعر الحصري ، تمت محاصرة المواطن الغلبان ، ولم يستطع فكاكا ، وفي حين ترفع قناة شعار " ما فيش حاجة حصري " ترفع قناة أخري " لأ .. فيه حاجات كثير حصري " ، وكنت أنتظر أن ترد قناة ثالثة عليهما بأنه " علي النعمة ما فيه حاجة حصري " ولا عزاء للمواطن المحصور.
لا أعرف كيف تحول رمضان إلى شهر درامي ـ نسبة إلى المسلسلات الدرامية ـ لكني أذكر أنه في صباي ـ كنا ننتظر الإفطار لنسمع بوجي وطمطم ، ثم فيما بعد بكار ، ثم أحد برامج الوكالات الإعلانية على القناة الثانية مثل كلام صريح جدا الذي كانت تقدمه منى الحسيني ، وكانت أية جملة تقال تصبح إفيها على لسان الجميع ، أو برنامج بدون كلام ، الذي تحول إلى لعبة شعبية في أوقات الفراغ ، أو مسلسلات من نوعية قط وفار ، وناس وناس و انت عامل إيه ، ثم نذهب لصلاة التراويح لنعود لنشاهد فوازير شريهان أو نيللي أو حتى نادين التي غنت " شلبية جارتي عاملة ، جلابية بارتي كاملة ، الكل معزوم فيها من الأسد للنملة " وألف ليلة وليلة ، ويمكن لمن يسهر أن يشاهد مسلسل يحيي الفخراني من ليالي الحلمية إلى نصف ربيع الآخر ، أو يسرا في حياة الجوهري ، .. ثم ننام ، وفي السحور يمكنك أن تشاهد المسحراتي والمسلسل الديني " القضاء في الإسلام " .
لم يكن الامر يتجاوز هذا كثيرا ، لكن ذكرياتي عن الدراما في رمضان ـ والتي كان البعض ينظر إليها على اعتبار أنها موسم جيد لعرض المسلسلات والإعلانات والبرامج ، من الممكن أن تتحول إلى نكتة في ظل ما يحدث الآن ، والذي لا يمكن أن نصفه إلا بما وصف سيد أبو حفيظة به برنامجه " الكابوس ".
هذه الحرب ، حرب داحس و الغبراء ، لا ، بل أشد ، أقصد حرب المسلسلات ، أشهدكم ، وأعلن أمامكم ، ومنذ بداية الشهر الفضيل ، قرارانسحابي منها مهزوما مدحورا ،بكامل إرادتي ، فلا ناقة لي ،ولا جمل ، ولا مسلسل ، ولا برنامج ، و لا سيت كوم ، أفر بجسدي فرار السليم من الأجرب ، وأعلن أنني أترك كل هذا الهراء ورائي رحمة بما تبقى من عقلي .

26‏/07‏/2009

لا تغتالني بالربو



ولد يبيع الفحم للموتى
بنت تبيع البائعين
فطر البياض سيختفي خلف الجدار ..
يصيح بي :
يا أيها الخجل انتفض
النائمون الجائلون سيحملون ..
السكر في أفواههم
وجنونهم فوق النبيذ الطازج
يتعلقون بسقف حجرات الملوك ..
ليأكلوا أرزا وفئرانا يتيمة
حابي يبيع النهر ..
يشتم من يعارضه
ويرقص للحديقة ..
للشتاء ..
لجزء عمَّ ..
وللسواقي ..
لا يشي في "زهرة البستان" بالأسرار ..
عن حيض المقطم
لا يحارب "راسبوتين"
ويخرج الكبريت كالحاوي ..
ويصرخ ها أنا وحدي ..
فمن دوني يلوم اللائمين ..
ويحتسي الطاعون والأعداء .. ،
قالوا قديما ..
أن ماء الغيم كان مشاغبا ..
عرّى البنات اللابسات الحسن ..
ألبسهن طاووسا ..
وجندا قاتلوا دَمِّي
بحمالات أثداء ومالٍ ..
وانتماء ..
فقلن لي
قد قُطعت أظفارنا ..
ونريد نايا لا يضاجعه الخرس .
النار نار لا تبل سواحلي بالماء ..
إلا بعد بقشيش السعاة .
الشمس ماتت بالبروستاتا .
خلف النهار وقفت أحصي الحدآت ..
وفجأة ضحك المنادي :
يا بلادا تشتهي شبق الزهايمر والردى
خوضي حروب الغسل بالعسل المجنح
مشطي شعري بماء النار .
قد أبكي
يا يوسف الصديق هذا السجن ضيق
يا يوسف الصديق هذا الكون أضيق
من لا يراودني أراوده
وإذا يراودني أقاتله
قطعت طريق الحلم ..
قُبَّرَة تبيع النهد ..
فانتهز الفرص .
الأكل مسموم كصندوق البريد
كل الأَسِرَّة قَانِطة .
جاري حزين ..
لا ينير الورد للأيتام ..
يسقيهم صلاة يائسة .
فافرش رداءك في الطريق وبع "لدافنشي" ..
اغتصاب الناسكين .
قل للنحاة :
أنا وحيد كالحقيقة
لا الأهل أهل لي ..
ولا بنت ستقرأ في القصيدة دمعها ..
ستقول لي :
ارجع .
وطني رصاص يشتهي قلبي /
رمادى
فأعد إلي أنا ولا تغتالني بالربو
كتب التوجس والطرافة لن أسامرها
سأمازح البنت التي ..
أدمنتها
حتى تصب الحزن لي ، لدمي
لأعواد من الكبريت
لا تهوى الرتابة

15‏/07‏/2009

An Unfinished Life


ـ جريف قالت لي أنك حلمت أنك تطير
ـ نعم
لقد إرتفعت للغاية يا إينار
و رأيت السماء عندما تتحول من الأزرق إلي الأسود
من فوق يمكنك أن تري كل شيء
و ستعرف أن هناك سببا لكل شيء
من فيلم An Unfinished Life

12‏/06‏/2009

أثر النبي

يفاجئني رشوان أن القصص حرام ، فأحدق فيه مذهولا ، رشوان الذي غضب حين مازحته أن أقصى أمنياتي أن أشترى جلبابا أبيض قصيرا كالذي يرتديه وقال في صرامة : الموت في سبيل الله أقصى أمانينا يا أخى .
ربما كان قيام زلزال 1992 هو السبب في انقطاعي فترة عنه ، لكن الأستاذ جمال مدرس الانجليزي فاجأني برسالة منه تطمئني على أحواله حين رددت عليها بأخرى وجدته يكلمني في أمور الدين ، الرسالة الثالثة رددت عليها بأنني أوافق على طلبه وأقبل الانضمام إلى الإخوان المسلمين ، البداية لم تكن هكذا يا زينب أنا القروي الصغير الذي فوجئ في أول يوم له بعد انتقاله من القرية إلى المركز للدراسة في الصف الأول الإعدادي بالذي يعلق في جيبه ميداليه عليها سيفان متعانقان ومصحف ، وكلمة "وأعدوا " ، أساله ذاهلا : هو د ه مش رمز ..
قاطعني : وطي صوتك ، وسألني عدة أسئلة ، ثم قال : هعـرفك على واحد حيفيدك قوى .
يوم الجمعة أذهلني وأنا عائد من الحقل أسوق أمامي حماره البرسيم وأرتدى فانلة مقطوعة عند الكتف وبنطلون جينز مخفف كتب عليه بالانجليزية رامبو بكلام جارنا عبدالجليل ، وأن هناك ضيوفا ينتظروني ، كانت هذه هي الزيارة الأولى له لي في البيت ، والتي يعرفني فيها على عبدالرازق الذي هتف عندما رأى رواية " قلب الليل لنجيب محفوظ بين كتبي : هو أنت منهم ، يابنى د ى القصص حرام
كدت أندب : يانهار أسود ، حرام ؟
ـ طبعا لأن عندنا من القصص التاريخية التي بها مواعظ وحكم ، ما يغنينا عن تأليف القصص ، والضحك على ذقون الناس ، ألا يعد تأليف القصص اختلاقا والاختلاق كذب والكذب حرام ؟
عيناي المتسعتان بالدهشة حاولتا إثناءهما عن الرحيل المبكر بعد صلاة العصر وجارنا عبد الجليل الذي هرول بأكواب الليمون إلى باب المسجد ظل يذكرهما بعد ذلك طويلا.
حين كنت أسير معه كان يجب على نساء الشارع أن يتوارين من أمام عيني وعلى داود عبد السيد ومحمد منير وكونديرا أن يلموا أمتعتهم ويرحلوا من ذاكرتي أن تنضم كتب بديلة إلى كتبي القليلة عن عذاب القبر وسكرات الموت ورسائل حسن البنا ، وحكم حلق اللحية .
كان على الولد المراهق داخلي أن يختبئ خجلا كلما قابلته ، وان أبدو صالحا أصلى التهجد كل ليلة ، لا اقرأ روزا ليوسف ولا صباح الخير ولا أحب جريدة الدستور ولا سعاد حسنى ، لا أراقب أفخاذ راقصات أوبريتات الأفلام الأبيض والأسود ، أن يقتلني الإحساس أنه يزرع في شعري جهاز تنصت ، أنه يرسل من يراقبني انه يعرف كل ذنوبي الصغيرة ، أن أحفظ ( الله غايتنا والرسول إمامنا والقرآن دستورنا ، والجهاد سبيلنا ، والموت في سبيل الله أحلى أمانينا) .
أن أتخلى عن وجهي ، وأن ارتدى وجها آخر، أحاول جاهدا أن اظهر في جبهته علامة الصلاة بالإكثار من السجود وحك الجبهة بالأرض ، ألا أخطئ حتى لا أفقد الصديق الذي انتشلني من الوحدة التي أكلت روحي ، الوحدة التي فرضتها على طقوس القراءة والكتابة والكآبة .
حين انتوينا أن نصدر مجلة أسميناها النذير كتبناها بخط اليد وصورناها ووزعناها على الأصدقاء ، حذرني من أن تسقط في يد أحد الوكلاء أو المدرسين لأنهم ( شغالين ) في أمن الدولة ، كان الوحيد الذي يضع اسمه على المجلة هو عبد الرازق ، عبد الرازق الذي صرخ في وجهي ذات يوم : بذمتك صليت الصبح النهارده .
حينها تركته وهرولت مبتعدا غاضبا ، وربما هربا من الإجابة على السؤال ، بعد يومين سمعت أنه ( اتاخد )..
كانت كلمة جديدة في قاموسي ، مرعبة وقاسية ، لأول مرة أشعر بخطورة ما أنا منهمك فيه ، قال لي رشوان يومها : ولا يهمك ، كل معركة وليها شهداء ، وبعدين أنا حذرتكو من الوكيل الزفت ده ، المجلة دي إزاي وقعت في إيده.
الأستاذ جاد مدرس الانجليزي فاجأني بكتاب صغير اسمه الدعوة الفردية أو كما قال : " د. ف " الكتاب ده باعته ليك صاحبك .
حين قابلته عرفت أن الكتاب يعلمنا كيف نستقطب الآخرين إلى صفوف الجماعة في سبع خطوات ، وضحك وهو يضيف : لكن إنت عملته معاك في تلات خطوات بس ، عشان كنت عضو جاهز .
وحين فشلت في ضم أي صديق طلب منى رسائله التي أرسلها لي حتى يقوم بحرقها ، ومجلات الاعتصام واللواء الإسلامي والدعوة التي أعارها لي ، وصرخ في وجهي : مش عارف تجيب أخ واحد ، أنت مش نافع في أي حاجة .
كانت المرة الأولى التي أراه فيها غاضبا ويداه تر تعشان في عنف ، نفس الارتعاشه التي كان يرتعشها ونحن في صلاة التهجد وهو يدعو: (يا من ذل كل شيء لعزته ، يا من انقاد كل شيء لخشيته ، يا من تشققت الجبال من مخافته يا من قامت السموات والأرض بأمره سبحانك لا اله إلا أنت) .
لم تكن قدماي تحتملان الوقوف كثيرا ، فكنت أجلس في إثناء الصلاة ، وأجلس معه كثيرا فلا يستطيع إقناعي بكراهية عبد الناصر ولا استطيع إقناعه بكراهية السادات ، كان يقول لي : أنا حاسس انك بتنفلت من بين صوابعي ، إنت الوحيد اللي مش قادر أتحكم فيه ، إنت الوحيد اللي بيناقشني .
الأستاذ جاد استدعاني ذات مرة وقال لي : صاحبك أتقبض عليه .
أهرول معه إلى مقر أمن الدولة في ( طما ) لأرى عربة السجن تتأهب للانطلاق ووجهه يبص علىّ من نافذة العربة المسورة .. عيناه تضيئان بينما يرفع إصبعي يده اليمنى بعلامة النصر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل من رواية بنفس الاسم تصدر قريبا لمحمد أبو زيد

01‏/04‏/2009

إطلاق موقع الكتابة


بملف عن واقع الكتابة العربية الآن ، ومجموعة من النصوص والحوارات دشن موقع الكتابة ، أول موقع ثقافي مصري ، مع بداية شهر إبريل .
الموقع الذي يحمل اسم " الكتابة " وشعار ، موقع الكتابة العربية الحديثة ، ويتم تحديثه بشكل يومي ، ويرأس تحريره الشاعر محمد أبو زيد حفل في انطلاقته الأولى بمجموعة النصوص الشعرية للشعراء جمال القصاص وعاطف عبد العزيز وعلي عطا و محمد حلمي الريشة ، وقصص لكل من الطاهر شرقاوي ، وأسما عواد ،وعلاء أبو زيد ، وسارة مطر ، ومحمد العشري ، كما ضم الموقع ملفا بعنوان الكتابة الآن تصدرته دراسة وافية للناقد يسري عبد الله حول عدد من الروايات الأخيرة ، بعنوان " الكتابة الجديدة .. غواية الهامش ورؤية العالم " ، كما ضم المف شهادات حول واقع الكتابة الآن لطارق إمام ، وشريف الشافعي ، و الطاهر شرقاوي ، ومحمود الغيطاني ، ومحمد صلاح العزب ، كما ضم الموقع ملفا آخر حول أحد كتاب الجيل الروائي هاني عبد المريد وروايته الأخيرة كيرياليسون ، حوى حوارا معه حول الرواية ودراسات لعبير سلامة وعلاء الديب وعمار علي حسن ومحمد عبد النبي وأحمد عامر ورجاء علي .
كما يضم الموقع صفحة خاصة بالسينما وأخرى بالتدوين تضم تدوينات لنهى محمود وعمرو عزت وساسو وثالثة بالحوارات حوت حوارا مع الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر .
ويعرف الموقع نفسه بأنه موقع ثقافي مصري يتخذ شعارا له عبارة " موقع الكتابة العربية الجديدة " لا يدعي الموقع انحيازه إلى نوع ، أو شكل معين من الكتابة لكنه ينحاز فقط إلى الجمال في الكتابة ، الجمال بكافة صوره ،الجمال بكافة تعريفاته ، الجمال رغم مزايدات المزايدين .، وأنه يسعى إلى أن يكون صوتا لكتابة مهمشة ، لكتابة جديدة ، لكتابة جادة ، أن يلقى الضوء على أصوات لم يسمعها أحد بعد لكنهم يساهمون بقدر ما في تجديد دماء الكتابة هذا لا يعني أن الموقع سيكون منقطعا عن الأجيال السابقة ، فالجدة والتجديد في الكتابة متاحة للجميع ، لا يحدها سن أو لون ، ولا شكل معين ، كما يأمل الموقع أن يصبح بعد سنوات أرشيفا لجيل من الكتاب الشباب يتشكل في الوطن العربي ، قادر على الحلم ، قادر على التغيير ، قادر على أن يخلق كتابة خاصة به ، ويسعى إلى ذلك ، يأمل أن يؤرخ لحركة الكتابة الآن التي ستنجح لا ريب في تغيير الساحة الثقافية إلى الأفضل.

عنوان الموقع : http://www.alketaba.com/
لمراسلة الموقع editor@alketaba.com

27‏/01‏/2009

الغابة الخضراء الواسعة


أريد أن أعود طفلا مرة أخرى
أحب
ويتحطم قلبي الغض
أحلم بالكتابة والثورة
أعرف الفارق بين الأبيض والأسود
بين الخير والشر
أتخلى عن حكمة الشيوخ
وأعود حيوانا بريا
يجري سعيدا في الغابة
لو كان الأمر بيدي
لفعلت هذا الآن
لأسرعت إلى دراجتي الصغيرة
لأطلقت سراحكم جميعا
في الحقول الخضراء
التي تستلقي أمامي بلا نهاية


23‏/01‏/2009

19‏/01‏/2009

لا عزاء للسيدات


في متابعتي للعدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة ، عبر مواقع الانترنت كنت أحرص على قراءة التعليقات التي يتركها القراء على الأحداث ، والتي كانت تكشف أن الانقسام في العالم العربي ليس على مستوى المؤسسات والدول والحكام فقط ، بل على مستوى المحكومين والشعوب أيضا ، سواء كانت شعبا واحدا ، أو أكثر من شعب عربي ، يمكنك التأكد من هذا بالرجوع إلى أي خبر يتحدث عن أي قمة من القمم الأربع التي عقدت لتتأكد بنفسك من الانقسام الشعبي العربي من التعليقات فحسب ، اقرأ أي خبر عن حماس أو حزب الله أو سوريا أو معبر رفح لتتأكد اكثر واكثر .
غير أن التعليق الأكثر لفتا للانتباه ، هو الذي صادفته في موقع " العربية نت " ، وكان تعليقا على خبر عن العدوان الإسرائيلي على غزة ، وسمى كاتبه نفسه " إسرائيلي وأفتخر " ، وهو ما تجدون صورته بالأعلى ، رغم غضبي من التعليق ، ومما جاء فيه ، إلا أنه عند القراءة الثانية له ، لم أجد في حلقي إلا المرارة ، فإسرائيل هي التي ربحت الحرب ، والعالم العربي هو الذي خسر كل شي، كيف ؟ أقول لك .
الآن بعد أن كادت الحرب أن تضع أوزارها ، بعد أن ظهر الرابح والخاسر في لعبة الحرب بنوعيها : السياسية والعسكرية ، ظهر من الخاسر ومن الرابح ، خسر الجميع ، جميع الاطراف العربية والدولية ، ولم تربح إلا إسرائيل ـ للأسف ـ لأنها كانت هي التي تحرك الحرب ، بدأتها ، ووضعت نهايتها ، فيما كنا نحن نتصارع أينا يشتم الآخر أكثر .
خسرت الدول العربية جميعا ، فانقسمت أكثر مما كانت منقسمة قبلا ، انصرف الجيمع عن الحديث عن العدوان على غزة ، عن جثث الأطفال والنساء والشيوخ ، للحديث عن دور كل دولة ، و تأثيرها ، و بدءوا حربا جديدة اسمها " حرب القمم " ، من يسبق الآخر ويصنع قمة يربح شيكل ، وعقدت القمم وانتهت ، ولم يربح أحد شيئا .
خسرت مصر ، مع هذا الجدل حول دورها القومي الذي تراجع ، عن قوتها الناعمة في المنطقة التي تراخت ، فلأول مرة يتم حرق علمها أمام سفاراتها في دول عربية شقيقية ، وتنظم مظاهرات ضدها ، ويتم التشكيك في الدور الذي تلعبه ، ويتخبط وزير خارجيتها في الدفاع عنها ، مع الانقسام حول دورها ، والانقسام بالتوازي في العالم العربي ، كل دولة تريد أن تلعب دورا تريد أن تسحب البساط من تحت قدميها .
خسر حزب الله والسيد حسن نصرالله ، فالرجل الفاضل الذي نعزه ونقدره جميعا ، عندما هاجم مصر ، هوجم بشدة ، وشتم في الصحف القومية ، وفقد تعاطف الكثير الذين كانوا يحبونه منذ حرب لبنان 2006 ، ولم يخرج ما فعله أيضا عن الحرب الكلامية ، فلم يطلق صاروخا على إسرائيل
خسرت حماس التي وعدت برد مزلزل فلم تفعل شيئا ، وكان الجميع يعتقد أنها ستخرج بنصر سياسي وكيان يقبله ويتعامل معه المجتمع الدولي بعد الحرب مثلما فعل حزب الله حرب لبنان 2006 ، إلا أنها لم تفعل شيئا ففي حين أعلنت عن انتصارها نجد أن الأرقام على أرض الواقع تقول شيئا آخر، فقد استشهد اكثر من 1200 فلسطيني ، من بينهم 410 طفلا، واصابة نحو 5300 بجراح، وذلك حسبما اعلنت مصادر طبية فلسطينية في غزة ، فضلا عن تدمير البنية التحتية ، وزيادة وطأة الحصار ، وفي المقابل اعلنت اسرائيل ان العمليات في غزة اسفرت عن مقتل عشرة جنود وثلاثة مدنيين ، وأنا هنا لا أتحدث فقط عن مفهوم استراتيجية المنتصر والهزوم وإنما عن أن حماس لم تفز حتى بالتعاطف الشعبي ، لأنها مسئولة في النهاية عن أرواح الناس في غزة على اعتبار أنها الحكومة الموجودة هناك سواء كانت مقالة أو غير مقالة .
خسرت فتح بالطبع ، فأبو مازن الذي تحول إلى رئيس زائر ، حسب تعبير الكاتب الساخر جلال عامر ، لم يعرف مع من يقف ، ولا رئيس أي شعب هو ، وهل هو رئيس رام الله فقط ، وغزة في كوكب آخر أم لا ، ولم يستغل الاعتداء الإسرائيلي ويوحد شعبه ويقف مع حماس في خندق واحد ضد عدو واحد ، بل استمرت حروب التخوين الكلامية بين الطرفين كأفضل ما تكون الحروب .
خسرت سوريا ، وخسرت إيران ، فتهييج المشاعر و الخطب الرنانة ليست مقياسا ، ولا تكفي للتعاطف .
خسرت قطر ، مع إصرارها على عقد قمة معظم من حضروها ليس لهم علاقة بالموضوع " جزر القمر ، وجيبوتي ، والصومال " ، خسرت والجميع يعرف أن أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط تقع في أرض ، خسرت وهي تعمل على شق الصف العربي ، خسرت بالقمة التي انتهت مثلما بدأت ، خسرت وهي تحاول أن تلعب دورا ليس دورها .
خسرت القنوات الفضائية الإخبارية ، فعرف الجميع أن الجزيرة هي لسان حال قطر ، وأن قناة العربية هي لسان حال السعودية ، تبين هذا في الحرب الباردة التي أعلنتها القناتان يوم الجمعة الماضي إبان انعقاد المؤتمرين الموازيين ، ولا وجود للحديث عن المعايير المهنية ، بالنسبة لي كنت أتنقل بين القناتين ثم تستقر يدي عند قناة البي بي سي ، التي كانت تقدم تغطية متوازنة .
خسرت الصحف القومية المصرية مع كم الشتائم الذي كانت تطلقه بلا حساب على من يتحدث ولو كان ناصحا معاتبا ، مع أنك تستطيع أن تفحم شاتمك بدون شتائم .
خسر الذين راهنوا على أوباما ، كما خسر أوباما تعاطف الشارع العربي معه ، فلم يقم بأي رد فعل إيجابي تجاه القضية الفلسطينية ، بل فعل املتوقع بالضبط ، وقف في صف إسرائيل ، ليقول المحللون أنها استراتيجية دولة ، وليست استراتيجية شخص
خسر كل هؤلاء وكسبت إسرائيل ، كسبت إسرائيل منذ البداية حين قررت إعلان الحرب في الوقت الذي يناسبها هي ، قبل انتخاباتها حتى تستغل جثث أطفال غزة كورقة انتخابية ، وقبل شهر من انتهاء ولاية الإدارة الأمريكية الراحلة ،كسبت باتفاقية المعابر التي وقعتها تسيبي ليفني مع نظيرتها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس ، قبل تولي الإدارة الأمريكية الجديدة والتي ستكون ملزمة لها ، كسبت حين روج إعلامها الخارجي لها أنها تدافع عن نفسها ضد صواريخ حماس ، وهو ما لم نستطع فعله نحن مع كم القنوات التي نملكها ، لا بارك الله فيها ولا زادها ، على كل الأقمار العربي والأجنبي منها ، واستغللناها فقط في تقطيع ملابس بعضنا ، وكشف سوءاتنا على الهواء ، كسبت حين نجحت في شق الصف العربي ، أكثر مما كان مشقوقا ، وبدلا من الهجوم عليها أصبحنا نهاجم أنفسنا ، كسبت حين ضحكت من القمم التي عقدت والمبادرات التي أطلقت وقرارات الأمم المتحدة الفارغة ، وقررت في النهاية وقف إطلاق النار من جانب واحد ، فهي التي وضعت قرار بدء الحرب ، وهي التي تنهيه ، ربما يكون هذا صادما ، وقاسيا ، لكن علاج الجرح أفضل من تركه ينزف حتى النهاية .
خسر العرب جميعا ، وكسبت إسرائيل ، أما الأطفال والنساء والشيوخ الذين استشهدوا ، فدمهم معلق في رقبة الجميع ، حكاما ومحكومين ، ولا عزاء للسيدات .

15‏/01‏/2009

عيون غير مكتملة


كان الوقت يقترب من منتصف الليل فيما الميكروباص يشق شارع فيصل ، كنت منكفئا على كتاب في يدي يقطع ملل الطريق ، وصوت السائق يردد متصاعدا : الأستاذ أبو نضارة .
انتبهت فجأة إلى صوت السائق الذي تكرر ، تلفت ، كانت السيارة خالية إلا مني ، لم أهتم كثيرا بصوت السائق الذي تابع :
- سلامة السمع ، الآخر يا أستاذ
فقط أنتبهت إلى أنني " الأستاذ أبو نضارة " .
كان قد مر عام تقريبا منذ ارتديت نظارة طبية لأول مرة في حياتي ، لكنها كانت المرة الأولى التي يناديني فيها أحد " أبو نضارة " ، أو ألتفت إلى أن الأمر يلفت اهتمام الناس إلى هذا الحد .
ما قاله الرجل كان طبيعيا ، غير الطبيعي كان هو اهتمامي المبالغ ، لدرجة أن أعود إلى المنزل وأنظر في المرآة : هل أنا بنظارة فعلا ؟
حين ذهبت لطبيب العيون للمرة الأولى ، بعد ألم طال طويلا ، وزغللة في العينين ، قال لي : المفروض كنت لبست نضارة من زمان . لكن حينما استلمت النظارة من البائع ، وسرت بها لأول مرة في الشارع شعرت أن هناك فاصلا بيني وبين الحياة ، أن ما يجري في الحياة من خلف النظارة شيء ، وأنا شيء آخر ، وحين عبرت الشارع المزدحم ، كنت مترددا ، أو خائفا من أن أخطئ حساب المسافات من خلف النظارة فتصدمني سيارة .
أحد الأصدقاء الطيبين قال لي : ده شيء طبيعي ، لكن هتتعود بعد كده .
في مرحلة ما من العمر كانت النظارة من مكملات الشياكة ، وأذكر أنني في الصف الثالث الإعدادي اشتريت نظارة بخمسة جنيهات ، حتى أكون شبيها للكتاب الذين أقرأ لهم ، أنا الذي كنت أطمح لأن أصبح واحدا منهم فيما أقضي جل يوم في القراءة ، لكنني أدركت بعد ذلك أن الكتاب ليس شرطا أن يرتدوا نظارة حتى يصبحوا كذلك .
ما أذكره أيضا أن النظارة كانت تتحول في قريتنا أحيانا سببا للمعايرة ، بأن لابسها قد فقد بصره ، أو كاد ، أذكر أيضا أن أحد أعمامي ضعفت عيناه بسبب السن ، ونصحه الطبيب بأن يرتدي نظارة ، لكن خوفه من كلام الناس جعله يرفض ذلك ، فماذا يملك الرجل في الريف سوى صحته وعينيه ، لكن مع تراجع البصر اضطر إلى لبس نظارة ، لكنه كان يلبسها فقط حين يكون في البيت بين أبنائه ، ويخلعها إذا خرج ليجلس على المقهي .
لم أفرح بالنظارة ، ولم أعلقها في جيب القميص كما كان يفعل بعض الزملاء في المرحلة الثانوية ، أو أضعها في الجراب وأضع الجراب أمامي كما يفعل الكثيرون ، لأنني ببساطة ، أكتشف ذلك الآن ، لا أرتدي نظارة شمس ، بل إن نظرت إلى الذين يرتدونها الآن تكاد تقول : يا لكم من مرفهين .
بعد عام ونصف تقريبا ، من ارتدائي النظارة ، ذهبت لإجراء كشف صحي ، طلبوه مني في العمل ، فاكتشفت أن الدوائر غير المكتملة عند طبيب العيون عادت لتهتز مرة أخرى ، ولا تبين نهاياتها ، أحكي للأصدقاء فينصحونني بالذهاب مرة أخرى إلى الطبيب لأنه من الطبيعي أن أغير النظارة كل عام ونصف .
أبحث عن رقم الطبيب ، لا يرد ، في اليوم التالي يرد الممرض بعد ممانعة :
ـ من فضلك دي عيادة دكتور فلان ؟
ـ ......
ـ طيب أنا كنت كشفت من سنة وعاوز أعيد الكشف
ـ .......
ـ قصدي عاوز أكشف تاني عشان نظري ضعف أكتر
يقول الممرض أنه ممكن أكشف عند ابن الطبيب ، فهو متخصص في العيون أيضا ، أسأله
ـ طيب بالنسبة للدكتورفلان
يرد بحيادية : تعيش إنت .
البصر الذي يذهب رويدا ، أكتشف أهميته وأنا أحدق في شاشة الكومبيوتر و أكاد لا أرى ، أو وأن أضطر للنوم من الثامنة مساء بسبب ألم حارق في العينين ، أو حين أضطر لترك متابعة فيلم أحبه لأنني لا أميز الوجوه جيدا ، أو حين يناديني سائق ميكروباص : الأستاذ أبو نضارة .