18‏/04‏/2012

كيف تتعلم السياسة في 24 ساعة بدون معلم؟

بعد عام وربع من الثورة، تحول كل المصريين إلى خبراء في السياسة، الداخلية والخارجية، ويمكن بركوبك الميكروباص مشوارا واحدا فقط، إلى فيصل، أن تعرف أن كل الذين يجلسون حولك يمثلون اتجاهات سياسية مختلفة، هنا حصر لأهم الاتجاهات السياسية في الميكروباص، قصدي في مصر.

الثورجي.. أبو كوفية
في برامج التوك شو المسائية، يكتبون تحت اسم تعريف "ناشط سياسي"، بلا مهنة تنظيمية حقيقية داخل أي حزب أو تيار سياسي، اللهم إلا إذا كان "رئيس أمانة ائتلاف اتحاد الميدان الثوري"، وغالبا لن يكون في هذا الائتلاف أحد غيره.
الثورجي، كما عرفناه، بعد الثورة، يرتدي كوفية فلسطينية، يرتدي بنطلون جينز ديرتي، يطيل شعره وذقنه، يعشق الأضواء، وإصدار البيانات الصحفية المنددة، والتي تعلق على كل قطة تمر في الشارع، يعادي الإخوان والسلفيين بالسليقة، ولكن قلما تراه في ميدان التحرير.
الثورجي، يملك بالضرورة حسابا على تويتر، وعلى فيس بوك، وفي الأحداث المهمة، مثل محمد محمود، أو مجلس الوزراء، تجده يكتب على تويتر "بيرموا علينا قنابل"، مع أنه على المقهى، لكن القهوجي هو من يرمي عليهم الحاجة الساقعة، ومعظم تدويناته على الموقعين اعتراضا على أي شيء، وبعدين نفهم، وأحيانا يعلق "مش قلت لكم؟"، مع أنه لا يقول ماذا قال لنا من قبل؟
الثورجي يجيب على الأسئلة المتعلقة بالمستقبل، بشعارات وليس بحلول، أو وجهات نظر واضحة، ويبدأ حديثه دائما ب "إحنا كثوار"، أو "لما كنت في التحرير"،  مع أنه لا يستطيع أن يحمع خمسة من أصحابه رأوه في التحرير.
الثورجي يهتم بعدد "الفلاورز"، بتوعه على تويتر، ويباهي بعددهم الأمم على مقهى البورصة، ويعمل ريتويت لتويتات علاء عبد الفتاح، ونوارة نجم، ومالك عدلي، وينشئ صفحة على فيس بوك بعنوان "محبي المناضل الثوري، فلان الفلاني"، يشترك فيها هو وصديقته، والقهوجي، ويضع صورة له فيها وهو يرفع يده بعلامة النصر.
الثورجي يحكي عن الأيام التي قضاها في السجن، مع إنه كان ممسوك في قضية تحري، ويستشهد في حديثه، بعبارات لمارتن لوثر كينج، وماركس، وعبد الناصر، وكان سينتخب البرادعي، لكن بعد انسحاب البرادعي من الانتخابات الرئاسية، لا يجد أحدا يصلح، لكنه سيقوم بعمل توكيل لخالد علي من باب الجدعنة، وقد ينتخب أبو الفتوح إذا استيقط مبكرا يوم الانتخابات، مع  أن البرادعي ليبرالي، وخالد علي اشتراكي، وأبو الفتوح يمين إسلامي.
الثورجي، يرفض الانتخابات البرلمانية، لأنها ستأتي بالأقلية الدينية، لكنه سيخوضها من باب الظهور في البرامج الفضائية، ليهاجم الانتخابات، ويطالب بإيقافها، وفي النهاية سيكتشف أن عدد "الفولورز" بتوعه على تويتر، أكثر من عدد الأصوات التي حصل عليها، فتكون هذه فرصة له أيضا للظهور في التوك شو لمهاجمة الانتخابات.

الفلول.. أبو كنبة
مطربه المفضل عمرو مصطفى، ومذيعه اللامع توفيق عكاشة، وممثله المفضل طلعت زكريا، وأكلته المفضلة الريش والبيتزا مع "طنط عفاف"،  وميدانه المفضل مصطفى محمود أو روكسي، أوالعباسية، ومكانه الأثير، الكنبة اللي في البيت اللي قدام التليفزيون.
لا ترى الفلول إلا وهو يهتف "خربتوا البلد، خربتوا البلد"، وعندما تسأله "وهيه البلد كانت عمرانة قبل كده"، لا يجيب، لأنه معترض على كل شيء حدث، الفلول فقد والده في حادث تصادم، فاستبدله بحسني مبارك، لذا هو يسألك "فيه حد يعمل في أبوه كده"، وحين تسأله "وفيه حد يعمل في البلد كده"، لا يرد برضه.
الفلول مدمن لنظرية المؤامرة، يفطر مؤامرة، ويتغدى مؤامرة، ويتعشى مؤامرة، وهو يرى أن الإخوان والماسونيين والعيال بتوع التحرير، خربوا البلد، وينفذون مخططات موزمبيقية لإسقاط الدولة، وتفكيك الجيش، وتشويه التاريخ البلد، هو يكره قناة الجزيرة بالسليقة، ويرى أنها هي السبب فيما حدث في البلد، ويرى أن "قناة الفراعين"، هي التي تكشف الحقيقة، وتفضح العملاء والخونة.
هو عضو في صفحة "إحنا آسفين يا ريس"، وعضو مشارك في صفحة "وماله لما الداخلية تدينا على قفانا"، ومتابع جيد لمسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة"، وأغنيته المفضلة "اخترناه، وأول طلعة جوية"، ويزور الطبيب النفسي باستمرار لأنه مصاب، بمتلازمة استوكهولم.
الفلول يعيش في عالم افتراضي، فالحياة بالنسبة له فوتوشوب، وكل ما يحدث ما هو إلا "صورة تعبيرية"، ويرى أن الماسونيين يخططون لضرب السياحة في مصر، ويعتقد أن شركة فيات، عندما صنعت السيارة فيات 128، كانت تقصد به يوم جمعة الغضب، 28/1 ومن هنا تتضح المؤامرة الغربية على مصر.
الفلول كان سينتخب عمرو موسى، ولما ظهر أحمد شفيق اتجه إليه، ولما ظهر عمر سليمان اتجه إليه، لكنه في كافة الأحوال يفضل أن يرشح مبارك مصر نفسه للرئاسة، مع أنه لو فعل ذلك، لن يذهب لانتخابه، لأنه جنين ملتصق بالكنبة، لا يتحرك من عليها.


الإخواني.. أبو دقن
يفرق شعره من الجنب، ويضع القميص في البنطلون، لحيته خفيفة، وأحيانا بدون لحية، ممتلئ قليلا، ويبدأ مكالماته الهاتفية دائما ب"السلام عليكم"، ويفخر بأنه ليس متشددا، لأنه يسمع أم كلثوم، وأحيانا عبد الحليم حافظ.
الأخ الإخواني تعود على العمل السري، لذا فهو يحكي عن 83 عاما من النضال السياسي السري، ضد الملك فاروق، وعبد الناصر، والسادات ومبارك، واعتقل في العصور الأربعة، لذل فهو يحدثك عن أحقيته  طوال الوقت في السلطة، لأنه أقدم فصيل سياسي موجود، والأكثر تأثيرا وتنظيما.
الإخواني، غالبا هو خريج كلية صيدلة، أو طب،  أو هندسة، وقلما يكون خريج كلية تجارة أو حقوق أو دبلوم صنايع، يردد مقولات الإمام الشهيد حسن البنا، ويبدو حائرا ما بين اقتناعه بعبد المنعم أبو الفتوح، وتأييده لخيرت الشاطر، لأن الجماعة طلبت منه ذلك.
الإخواني توافقي بطبيعته، ماعندوش مشكلة مع حاجة، خير الأمور الوسط، لكنه لا يحب حزب الوسط، لأن أبو العلا ماضي وعصام سلطان، انشقا عن الإخوان، ويهاجمانها دائما، وتوافقية الإخواني، تجعله قريبا من كل التيارات، ويتماس معها في أشياء مختلفة، لكن ساعة الجد، خالتي وخالتك واتفرقت الخالات.
الإخواني يغض بصره دائما، ويقدم الشكر لكل من حوله بجملتي "بارك الله فيك"، و"جوزيت خيرا"، يحفظ "الله غايتنا، والرسول إمامنا، والقرآن دستورنا، و الجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، ورغم أن القرآن دستوره، إلا أنه يفضل أن يستحوذ على الأغلبية البرلمانية لوضح دستور البلاد.
الإخواني يرى السلفي متشددا يشوه الإسلام، ويرى الليبرالي منفتح يشوه الليبرالية، ويرى نفسه في المرآة، صورة للأخ الملتزم "جزاك الله خيرا"، الذي يلتزم بالصلوات الخمسة، في مسجد المستشفى، ويؤم المصلين، لأن الإخواني قائد بطبيعته.

السلفي.. أبو إسماعيل
بسم الله الرحمن الرحيم، السلفي، كائن مصري، بلحية طويلة، يستطيع أن يقيس طولها بقبضة يده، يرتدي الجلباب  الأبيض القصير، وأسفله البنطلون الأبيض المكوي النظيف الطويل، في يده سبحة مضمخة بالمسك القادم من السعودية، يضع في جيب جلبابه لبيسة قلم أزرق بك، وبجواره سواك، بحيث يبدوان كعلامة النصر.
اسمه سيكون مصعب، أو البراء، ويرفض أن يسلم على النساء باليد، يحرص على صلاة الفجر في المسجد الأكثر بعدا، حتى يكسب حسنات أكثر، في بيته لا يشاهد إلا قناة الناس، "مع أن القناة ما بتجيبش إلا إعلانات بطاطين وحلل، أمال بيتفرج على إيه"، في سيارته، تجد اسطوانات الشيخ محمد حسان، والشيخ أبو إسحاق الحويني، وفي محل عمله يشغل على الكومبيوتر موقع السلف الصالح، والعثيمين، والقرآن الكريم بصوت الشيخ الحذيفي والسديسي.
إذا كنت صديقا لسلفي على فيس بوك، فستجده يضع صورة الشخ حازم أبو إسماعيل في البروفايل الخاص به، ويرسل لك عبارات من نوع "انشرها ولك الثواب"، ويراهن على الشعور بالذنب لديك، بعبارات مثل "هل تبخل على الرسول بالصلاة عليه"، "إذا لم تنشرها فاعلم أن ذنوبك منعتك".
السلفي لم يكن له وجود حقيقي قبل الثورة، كان من الكائنات المتخيلة، لذا فهو لا يعرف هل هو ضد الخروج على الحاكم، أم مع الثورة، لكن لا مانع لديه أن يأتي في ميكروباص من مطروح للمشاركة في مليونية دعا إليها الشيخ حسان، لأن هذا "جهاد في سبيل الله"، لكنه في طريق عودته سيسلك طريقا آخر، لأن في هذا ثواب أكثر.
السلفي محدث سياسة، لكنه يستطيع أن يفحم من يتحدث، لأنه يستشهد على صدق آرائه بالقرآن الكريم، وبصحيح السنة، يدعو لدولة دينية، ويؤكد أن دولة الرسول كانت دولة مدنية، يرى أن مصير المعارضة النار، يجيد الاعتذار "لا عليك يا أخي"، بابتسامة وضاءة، لكنه يتعلم بسرعة، نقاء سريرته، وحرصه على الصدق، حتى في السياسة التي تحتمل تغير المواقف، تجعله الأنقى والأوضح حتى الآن.

الليبرالي.. أبو شعر
لا يستطيع احتمال تشدد الإسلاميين، ولا التزام اليسار بأيديولوجيتهم، فقرر أن يكون ليبراليا، يقف مع الفريق الأول أمام المسجد، ويشرب مع الفريق الثاني في الجريون، ثم يكمل ليلته مع صديقته في "البورصة".
الليبرالي، أرملة وجاية في أي مصلحة، توافقيته أسوأ من توافقية الإخوان، لأنه لا يريد أن يخسر أحدا، لا مشكلة لديه أن يكون يساريا يدافع عن الاشتراكية في ندوة في حزب التجمع، ثم يذهب إلى ساقية الصاوي ليتحدث عن أهمية النظام الرأسمالي في الحفاظ على حقوق الفقراء.
الليبرالي، يطيل شعره، وذقنه في نفس الوقت، حتى يكون قريبا من جميع التيارات، فالبابا شنودة ملتح، والشيخ حسان ملتح، وماركس ملتح أيضا، يلبس "عندية"، في يده، وتي شيرت، وبنطلون، ممزق، وكوتشي أبيض، يقضي يومه ما بين كافيهات الزمالك والمهندسين، ووسط البلد، يضع اللاب توب على ركبتيه، ويضرب الفلاشة المتينة، ويعيش على صفحة كلنا خالد سعيد، ومحبي بايرن موينخ، ويلف سجايره بدل السجائر "المكنة".
الليبرالي يعلق في غرفته صور جيفارا، وأفيش فيلم الأب الروحي، يحب منير، وفيروز من باب الاحتياط، ويرفض الهتافات الموجهة، أو الصادمة، مثل "يسقط يسقط حكم العسكر"،  لكنه يفضل أن يكون "يا مشير قول لعنان، بالراحة علينا يا مان".
الحديث المفضل عند الليبرالي، هو الحرية، حريته الشخصية، بالأساس، وقهوة الحرية في وسط البلد، بعد كده، وحرية المرأة في أن تفعل ما تريده، وعندما يتحدث يقدم النساء على الرجال، والسيدات على السادة، ومثله الأعلى في ذلك، عمرو حمزاوي طبعا.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ما شاء الله عليك هههههههه . بين أن الإختيارات صعبة ههههه.بس انا عن نفسي افضل الإخوان.طيب هو انت مع مين؟!