18‏/04‏/2012

وبكرة نقول كانت "ثورة".. وعشنا لنا يومين

ماذا سنقول لأولادنا غدا عندما نحكي لهم عن ثورة 25 يناير؟ أي عار سنواجههم به؟ أي هزائم وانكسارات وتشتت وتفتت سنقصها عليهم؟ هل نقول أنه بعد عام وربع فشلنا في تحقيق أي هدف من أهداف الثورة، هل نقول إننا صرنا فرقا متضادة، كل فريق يلجأ للميدان لوحده لأنه لا يريد الآخر معه؟
الهدف واحد، والطريق واحد، والهتافات واحدة، لكن ميدان التحرير، لم يستطع هذه المرة أن يجمع من جمعهم من قبل تحت سماء واحدة، استبق الإخوان القوى السياسية الأخرى، وأقام مليونيته، الجمعة الماضية، وأصرت القوى السياسية الأخرى، أن تقيم مليونية أخرى، الجمعة القادمة، كل فريق يستعرض قوته على الفريق الآخر، ناسين تماما أن هذا الميدان هو الذي جمع كل هؤلاء من قبل، قبل أن تغري التورتة كل واحد، بالتهامها كاملة؟ وناسين أن الهدف من المليونية أهم من المقاطعة، وناسين أن هذه ربما تكون هي المرة الأخيرة التي قد يجمعهم فيها الميدان.
التشفي هو السمة الوحيدة التي أصبحت تسم الجميع، الأغلبية تتشفى في الأقلية، والأحزاب المدنية، سعيدة لأن عمر سليمان عندما يصبح رئيسا لن يرحم الإسلاميين، مع أنهم لو فكروا لأدركوا أنه لن يتركهم أيضا ينعمون بالحرية والديمقراطية التي يعتقدون أنهم سينعمون بها.
كلنا فاسدون، كلنا متواطئون، كلنا متورطون بشكل أو بآخر، كلنا تسببنا بعنجهيتنا وطمعنا في كوارث العام الماضي، فلنتخلى عن ذواتنا قليلا، حتى لا يأتي اليوم الذي نندم فيه حين لا ينفع الندم، وحتى لا نشعر بالعار ونحن نحكي لأولادنا في المستقبل عن الثورة، وحتى لا تشتمنا كتب التاريخ، وتقول أننا الذين أضعنا الثورة بأيدينا، وبأنانيتنا وجهلنا، وطمعنا، وبدلا من أن نحكي بطولاتنا نختتم قصتنا لهم ب"أكلت يوم أكل الثور الأبيض".
لا يجب أن نساق إلى الاختيار ما بين الإخوان أو عمر سليمان، فالوطن أرحب وأكبر من هذا،  الوطن ليس عمر سليمان فقط، وليس الإخوان فقط، الوطن هو كل من جمعهم الميدان يوم 25 يناير، و28 يناير، و2 فبراير، و11 فبراير، كل من هتفوا في الميدان "ارحل"،  قبل أن تكون هناك كعكة كبيرة مغرية. يجب القفز على هذه الكعكة، وتحديد من وضع السم فيها، ليصرفنا عنه، وعن السم.
ما يحدث في مصر منذ عام وربع لا ينطبق عليه إلا المثل القديم الذي يقول "دوخيني يا لمونة"، فقد انشغلنا في أمور جانبية، وفي تفاصيل كثيرة، دخلنا فيها رغما عنا، فانشغلنا باللجنة التأسيسية، وبالانسحابات، وبالقضاء الإداري، وبرغبة حزب الأغلبية في الاستحواذ على جميع المقاعد، ونسينا الثورة.
دوخيني يا لمونة، فدخنا، وتهنا ما بين ترشح خيرت الشاطر، وترشح عمر سليمان، وأم أبو إسماعيل، ونسينا دماء الشهداء في محمد محمود، ومجلس الوزراء وبورسعيد وماسبيرو.
دوخيني يا لمونة، فدخنا وتهنا وضعنا، ولم نعد نعرف هل نحن دولة إسلامية أم سلفية أم مدنية أم فلولية، ونسينا هويتنا، ونسيتنا أن القتلة لم يحاكموا ولم تعد حقوق الشهداء الذين سقطوا بأيدي القناصة، ولم نسترد جنيها من أموالنا المنهوبة لا في الداخل ولا في الخارج، ولم نحقق أي هدف من أهداف الثورة، لا عيش، ولا حرية، ولا عدالة اجتماعية.
دوخيني يا لمونة، فدخنا لدرجة أننا نسينا القضية الأساسية، وأن مبارك لم يحاكم حتى الآن، وأن موقعة الجمل لا زالت تجري فيها المداولات، وأن الطرف الثالث في جميع الجرائم التي حدثت منذ قيام الثورة، ما زال هو الطرف الرابح، وأن الذي هدد بالفوضى، لا زال  مستلقيا على سريره في المركز الطبي العالمي، يراقب ما يحدث في مصر، وربما يضحك.
دوخيني يا لمونة، فداخ الجميع، وانشغلوا بالكعكة، بلاش دوخيني يا لمونة، وأفيقوا، أفيقوا قبل أن يأتي اليوم الذي نندم فيه على أننا قمنا بالثورة، أفيقوا وتذكروا ثورتكم، أفيقوا، أفيقوا يرحمكم الله.

ليست هناك تعليقات: