ولد صغير ، يركب عربة ربع نقل مليئة بأنابيب الغاز ، تلف شوارع المدينة ، لا يفعل شيئا سوى أن يخبط بمفتاح انجليزي يحمله في يده على الأنابيب ، وهو صامت ، يتوقف السائق قليلا عندما يسمع صوت إحدى السيدات ينادي عليه "معاك أنابيب " ، يقوم الولد فور أن يسمع السيدة بإنزال أنبوبة يتوجه بها إليها .
ولد صغير ، في الصف الثالث الإعدادي ، يحلم أن يحصل على مجموع هذا العام ليؤهله لدخول الثانوية العامة كي يستطيع أن يرتاح قليلا من حمل أنابيب الغاز الثقيلة على كتفيه والدخول بها إلى البيوت وصعود السلالم إلى الأدوار العليا .
ولد صغير ، لا يحب الأغاني ، لكنه كان سعيدا جدا عندما بث التليفزيون أغنية من فيلم " حاحا وتفاحة " لريكو ، يغني فيها لبائع الأنابيب ، ساعتها ابتسم ، وأحس أن ريكو يغني له ، قال هذا لأمه في البيت ، فضحكت دون أن تعلق ، وراقبت فرحته ،وهي تتسمع أثناء وجودها في المطبخ صوتي ريكو وياسمين عبد العزيز وهما يصيبحان بالأغنية .
أحمد ، وهذا هواسمه ، حكى لي انه يعيش مع والدته ، بعد رحيل والده منذ أربع سنوات ، في أحد شوارع منطقة الطوابق بفيصل ، يدرس في الصف الثالث الإعدادي ، لكنه بعد أن يعود من مدرسته ، يخرج مع ابن عمه ، ليبيعا الأنابيب " ماهو لازم أشتغل عشان أساعد أمي في البيت " يقول أحمد ، ويضيف " ليس لنا مورد دخل آخر سوى معاش تركه والدي قبل أن يرحل ، لذلك عندما عرض على عصام – ابن عمه – العمل معه لم أرفض ، ووافقت امي أيضا مباشرة "
" انابيب ، بيب ، بيب " ، يدندن الولد الصغير بهذه الكلمات وهو يسير في الشارع وهو ذاهب إلى مدرسته ، الجميل ، أنه أصبح يغنيها وهو فوق عربة بيع الأنابيب ، وهويخبط بمفتاحه فوق الأنابيب المتراصة ، أصبح يغنيها وهو داخل البيت ، ينتظر عرضها في التليفزيون ،ويجلس أمامها ، يشعر أنها أغنيته الخاصة ، التي يبثها التليفزيون من أجله هو وحده ، ويقول : تسري عني في اوقات الشدة ، ونحن نلف بالعربة في الشمس .
" أنبوبة للمحبة ، أنبوبة للغرام ، اللي هياخد مني واحدة ، هيشغل السخان ، اللي هيصحى النوبة ، يصحى من الغيبوبة ، و اللي واقف مستني ، معلهش غصبن عني ، فيه أزمة في الأنابيب " حسبما حكى لي أحمد ، فإنه وعصام يحضران الانابيب من المستودع ، يقول نشتريها بنصف السعر الذي نبيعها به تقريبا ، لكن من ثلاث سنوات حين بدأت العمل مع عصام كان الشغل أكثر ، دلوقتي الناس كلها دخلت غاز ، ولم يعد إلا مجموعة قليلة من الناس تشتري أنابيب ، ما يسعد أحمد هو أن يزيد مكسبهم ، عندما يقل عدد الأنابيب في السوق ، ويتضاعف سعرها ويقول : في هذه الحالة يعطيني عصام ثلاثين جنيها في اليوم الواحد ، أي ضعفي أجري اليومي .
" والنبي يافوزي ، وحياتك يا فوزي ، اديني بمبة ، ماتكونش يافوزي ، قديمة يافوزي ، بتنفس يافوزي ، وتولع يافوزي ، من تكة واحدة " ، رغم أن اصحابه في الشارع ينادونه أحيانا " يا فوزي " إلا أنه لا يغضب منهم ، ربما لأنه يحب الأغنية ، لكن أحمد يتمنى أن يدخل كلية " محترمة " على حد تعبيره ، حتى يستطيع ان يريح أمه ، وأن يرتاح قليلا من حمل الأنابيب على كتفيه ، وحول إذا ماكانت الأنابيب يتعبه حملها ، يقول : في البداية ، منذ ثلاث سنوات عندما اشتغلت في المهنة وكنت صغيرا ، كنت أتعب من حملها ، عصام كان يحملها أحيانا ، ويتركني أحرس العربة ، وكان من يأخذون الأنابيب أحيانا يشفقون علي ، لكن مع الوقت تعودت عليها ولم أعد أهتم بوزنها ، وأضاف : " كتر الحزن يعلم البكا " .
احمد يحمل داخله أحلاما كثيرة ، و يقف كثيرا أثناء سير العربة به فوقها ليشعر أنه طائر ، يحلق نحو مدينته الخاصة ، طائر يحب أن يغني ، حتى ولو كانت الأغنية " أنابيب بيب بيب "
هناك تعليقان (2):
وائل صاحبي بتاع الأنابيب مش بيحب الاغنية دي وبيقرا كتب م اللي بنص جنية علي حد تعبيرة
بس شكلي مش حكمّل في المدرسة هلاحق علي اية ولا اية وبعدين اللي اشتغلوا خدوا اية يا ابلة
دة كان اخر كلام سمعتة من وائل الشهر اللي فات
really we have 2 do anything to this kids...we are in the world 2 make difference ,not to just cry and then forget their story,,the destiny took their childhood but it didn't take their amazing spirit ....making the life of street children with alot of joy is my dream...and i want 2 change it to afact
إرسال تعليق