25‏/12‏/2008

عفاف عبد المعطي وسطوة الناقد

عفاف عبد المعطي : نحن نستورد من الغرب كل شىء .. حتى النظريات النقدية
واقعية القاع هى أنسب الأنواع الأدبية ملائمة لطبيعة هذا العصر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدأ المشروع النقدى للدكتورة عفاف عبد المعطى بإصدار كتابها الأولى" فتحى غانم قاصاً " ، وهو دراسة نقدية لقصص الكاتب فتحى غانم القصيرة ، ثم اتبعته بإصدار كتابها الثانى " المرأة العربية رؤى سوسيولوجية " وهو درس من قبيل علم اجتماع الأدب عبر نصوص عشر كاتبات على مستوى الوطن العربى يجسدن واقع تواجد المرأة فى هذا العالم ، ثم جاء إصدارها الثالث متمثلا فى تحقيق ودراسة ديوان الرائدة المصرية نبوية موسى التي عرفت بريادتها التعليمية ودورها المهم فى عصر النهضة ثم جاء إصدارها النقدى الرابع تحت عنوان " حاضر الرواية فى المغرب العربى " واستعرضت فيه التاريخ الروائى لدول المغرب العربى (تونس – المغرب – الجائر) وهو مما يحسب لناقدة من المشرق أن تكتب عن واقع روائى مغربى لم تعشه . ولها تحت الطبع كتاب عن المرأة والسُلطة ، كما ظهرت نصوص مترجمة للدكتورة عفاف عبد المعطى أهمها نص " فنان فى عالم عائم " للكاتب الإنجليزى (يابانى الأصل) كازو ايشيجوروا ، و هنا حوار مع عفاف عبد المعطي حول مشوارها الأدبي

- بداية ، ما حدود العلاقة بين المبدع والناقد في اعتقادك ؟ ومن الذى يوجه الآخر ؟
-- المبدع أولا ثم الناقد طرفا علاقة متوازية متضافرة ، فإذا التقيا معا فذلك بلا شك لصالح النص الأدبى ، ولا أعتقد أن أيا منهما يوجه الآخر فآلية التوجيه آلية مدرسية بينما علاقة الإبداع بالنقد علاقة تكامل المستفيد منها هو النص الإبداعى نفسه
-- لكن يثار دائما أن ثمة ازمة في النقد العربى وفيما يخص علاقة الطرفين , كيف ترين هذه الأزمة من موقعك كناقدة ؟
- أرى أنه لا توجد ازمة فى النقد العربى فمنذ زمن طويل والإبداع يتقدم انتاجه على النقد ، لأن الناقد بشر وليس من الضرورى أن يكتب الناقد عن كل ما يصدر من إبداع . وإن كنت تقصد بأزمة النقد تناول النقاد للمناهج الغربية عند التطبيق على النصوص العربية فهذا أمر طبيعى لأن العلوم الإنسانية متكاملة ولم يأت الزمن بعد الذى يمكن أن تكون فيه نظرية نقدية عربية تتلاءم مع النصوص المنتجة بالعربية ، ولا تنس أننا كما نستورد من الغرب كل شئ فلا غرابة أن نستورد منه النظرية النقدية التي نعمل بها.
· هل انتهى ز من الناقد الذى ينزل إلى الشارع كى يشترى رواية لمبدع لا يعرفه ثم يكتب عنها ؟
· لا لم ينته بعد ، فواجب الناقد الحقيقى البحث عن النص الإبداعى الجيد والكتابة عنه ، لكن زمن التكتلات الذى نعيش فيه هو الذى فرض نوعا من العلاقة النفعية بين طائفة من المبدعين والنقاد الجاهزين للكتابة فى كل الأنواع الأدبية حسب الصداقة والعلاقات العامة التي تفرض هذا النوع من التعامل ، وأنا لا أحبذ التعميم فلكل قاعدة شواذ فهناك المبدع الذى لا يريق ماء وجهه بحثا عن مقال وأيضا الناقد صاحب الرؤية العادلة الذى يكتب عن النص دون النظر إلى اسم المؤلف أو جهة عمله .
· رغم تميز فتحي غانم روائيا الا أنك اخترت لكتابك الأول موضوع قصص فتحى غانم القصيرة , لماذا ؟
· اخترت قصصه القصيرة أولا لأنها مجال غير مطروق نقدياً ثم إن فتحى غانم كاتب من طراز خاص حيث لم يسع يوما ما إلى الأضواء ولا إلى الشهرة ، اكتفى بالكتابة فقط وقد كانت رواياته خير دليل على كشف خبايا الصحافة المصرية وما يدور داخلها فى حقبتى الستينيات والسبعينات وعلاقات الصحافة الملتوية مع السلطة الحاكمة، أما عن قصصه القصيرة فقد كانت لا تقل أهمية عن رواياته وقد رسخ فتحى غانم بوصفه قاصاً عبر خمس مجموعات قصصية كتبها بدءاً من "تجربة حب" عام 1948 حتى عيون الغرباء عام 1993 قدم فيها الأساس الاجتماعى الطبقى للشخصية المصرية ، فضلا عن الأنماط البشرية المختلفة التي ضمن وصفها وتناولها بحسب وجودها الفعلى فى المجتمع ، كما تبلورت رؤيته الموضوعية للعالم الموصوف داخل السياق الاجتماعى والسياسى .
· جاء التنظير فى كتابك الثانى "المرأة العربية رؤى سوسيولوجية" حول مصطلح النقد النسوى ثم التطبيق على مجموعة من نصوص للكاتبات العربيات ، فهل هو تحليل بيولوجى اذن ،
· النقد الأدبى النسوى هو دراسة الحياة الاجتماعية والفلسفية بما يصحح انحرافات التحيز التي تؤدى إلى إحلال المرأة فى مكانة التابع (أى فى مكانة ثانوية) واستصغار شأنها وهو من أصعب الطرائق النقدية عند التطبيق على النص الأدبى وبالطبع النقد فيه لا يكون بيولوجياً ، فمصطلح النقد الأدبى النسائى يبحث فى خصوصية الأدب المكتوب من وجهة نظر المرأة والذى يظهر كلما تأزم وضع المرأة الاجتماعى خاصة مع اعتبار أن مشكلة الكينونة الاجتماعية هى التي تؤرق المرأة داخل مجتمعها
· حسنا , هل معنى أن هناك نقداً نسوياً أن هناك نقدا ذكورياً ؟
· لا يوجد نقد ذكورى لأن الرجل لم يكافح عبر تاريخه الاجتماعى لان يعامل بصورة تتسم بالشفافية مثلما كافحت المرأة .
· و هل يدور كتابك الجديد المرأة والسلطة فى السياق نفسه؟
· لا , المرآة والسلطة بحث فى الواقع السياسى والأدبى فى مصر من 1919 حتى 1981 يبدأ من الثورة التي قادها سعد زغلول وينتهى سياسياً عند اغتيال انور السادات ، ويدور حول الخطاب الإبداعى للمرأة فى ظل الواقع السياسى للمجتمع منذ أن شجعتها ثورة 1919 على الخروج من المنزل كى تعضد بدورها أهداف الثورة ثم يتبلور دورها الاجتماعى أكثر بدخول الفتيات إلى الجامعة وتخرجهن منها وخوضهن فى الكتابة السردية (سواء القصصية أم الروائية) . والسؤال الذى أجاب عنه هذا الكتاب هو هل اباحت السلطة السياسية بتباين توجهاتها للمرأة المصرية الكتابة والتعبير عن المسكوت عنه أم لا
· كتاباتك عن المرأة المبدعة وصورة المرأة داخل النص الإبداعى تجعلني اسألك : هل يمكن تحديد آلية واحدة للكتابة لدى المرأة العربية خاصة مع الدعاوى التي تقول بخصائص للكتابة النسوية ؟
· بالطبع لا لأنه فى واقعنا العربى هناك الكثير مما يخص المرأة فى المجتمع وما يبرر جزءاً من النظرة السائدة إلى مكانتها الاجتماعية ، وهذا ما يعكس قدراً من دورها فى المجتمع بايجابياته وسلبياته ، خاصة إذا ارتبط هذا الدور بدرجة فاعليتها فى المجتمع وانفعالها به ، والكاتبات العربيات (كلٌ على حِدة) يدركن هذا الدور ، ويحاولن عبر طرائق أسلوبية متباينة متجددة التعبير عن صورة تواجد المرأة داخل السياق الاجتماعى الذى تتعايش معه . فمن الصعب تحديد آلية واحدة يخضع لها إبداع المرأة لأن كتابة المرأة لا ترجع إلى أسباب خاصة فحسب ، وإنما نتيجة حساسية الرؤية التي تصدر عنها تجاه الواقع الاجتماعى الذى تكشفه .
o *وهل لهذا خصصت محورا للأدب النسائى فى كتابك عن الادب المغربي ؟
· اعتبر محور الكتابة النسائية فى المغرب الموجود فى هذا الكتاب ضرورياً ، فلقد كانت مرحلة التسعينيات من القرن المنصرم هى أولى المراحل التي أفردت فيها المرأة المغربية للكتابة الروائية جزءاً كبيراً من مشروعها الإبداعى مما جعل النصوص الروائية تتباين فى غاياتها منها على سبيل المثال لا الحصر "جسد ومدينة" 1996 لزهور كرام – "الجلادون" 1999 لربيعة السالمى – "هاجس العودة " لحليمة زين العابدين 1999 – "جراح الروح والجسد" 1999 لمليكة مستظرف "يوميات زوجة فى الأرياف " 1998 لدليلة حياوى .
· بالمناسبة , ما سبب فتور العلاقة بين الأدب المصرى والمغربى خاصة وان لك كتابا حول حاضر الرواية فى المغرب العربى ؟
· لا يوجد فتور أساساً فى العلاقة بين الأدب المصرى والمغربى وخير دليل على ذلك إقامة لقاء الرواية المصرية المغربية الذى يعقد بانتظام كل عامين ويتبناه المجلس الأعلى للثقافة ويُصدر كتابا يحمل مجموعة من الدراسات عن الروايات التي تناقش أثناء اللقاء سواء المغربية التي يدرسها نقاد مصريين أم مغربية يدرسها النقاد المغاربة وقد صدر كتابين حتى الآن آخرهما عام 2003 .
· الم يات كتابك اذن بقصد نقد ما يسميه البعض بالنظرة الاستعلائية المصرية تجاه الادب فى المغرب العربى" ؟
· بغض النظر عن هذا , أعتقد أن صدور كتابى حاضر الرواية فى المغرب العربى يعتبر إضافة أولا لمشروعى النقدى ثانيا يجسد هذا الكتاب تاريخ الرواية فى دول المغرب العربى (تونس-المغرب-الجزائر) محاولا تحقيق نوعاً من تجاوز الدراسات السابقة التي درست كل قطر على حدة وياتى التجاوز فى صورة طرح للماضى الروائى طبقا للواقع الديمغرافى لكل قطر ثم تم التطبيق على عدد من النصوص الروائية المنتقاة ممثلة لتيارات متباينة فى كل قطر. وقد سمح تناولي النصوص الحديثة الصادرة مؤخراً برصد تطور وتنامى الكتابة الروائية فى تونس أولا باعتبارها أولى البلدان المغرب فى إصدار الروايات حيث ظهرت رواية صالح السويسى (الهيفاء وسراج الليل) عام 1906 ثم تبعتها المغرب التي صدرت فيها الرواية فى الاربعينيات من القرن الماضى .
· هل اهتمامك بالرائدة نبوية موسى واكتشافك لديوانها ثم تحقيقك له هل يأتى فى سياق الاهتمام بالمرأة المبدعة أيضا ؟
· لا , لأن السيدة نبوية موسى عرفت بريادتها التعليمية فى مصر والتى ظلت تكافح فيها من أجل تعليم الفتيات والنهوض بعقولهن وقد كان ديوانها بالنسبة لى جديدا من حيث معرفة كونها شاعرة سطرت الشعر منذ 1904 حتى 1925 وقد صدر الديوان عام 1938 .
· لكن ألا ترين معي أن قصائدها تخلو من الشاعرية بالاضافة الى الصوت الذكوري الموجود في الديوان ؟
· عام 1904 الذى بدأت فيه نبوية موسى تقرض الشعر رحل محمود سامى البارودى رائد الإحياء فى الشعر العربى ثم ما لبث أن تسلم اللواء احمد شوقى وجيله وبرز حافظ ابراهيم واسماعيل صبرى وخليل مطران واستمر ذلك حتى العشرينيات من القرن الماضى الذى شهد أوج الإبداع الشعرى لتيار الإحياء وصعود جيل جديد من الشعراء عُرف بجماعة الديوان (العقاد- شكرى-المازنى) وقد كان هذا التيار هو الممهد الحقيقى لبزوغ الحس الرومانسى فى الإبداع الشعرى ، وقد كانت نبوية موسى تنظر إلى تلك النماذج الشعرية وتحاكيها فى جانب من قصائدها ، وإن غلب على الديوان القصائد التي قيلت فى الحوادث المهمة فى الحركة الوطنية . كما كتبت نبوية موسى فى أغراض شعرية كثيرة منها الشكوى من الزمان – المراثى(رثاء عائشة التيمورية وملك حفنى ناصف باحثة البادية) والمديح والتهانى .
· لك دراسة حول واقعية القاع فى الرواية المصرية والأميركية المعاصرة . لماذا اخترت هذا الموضوع وهل ثمة تماثل بين هذه الواقعية و الواقعية القذرة؟

· درست الاطروحة " واقعية القاع " بوصفها ظاهرة اجتماعية فى الرواية المصرية الأميركية المعاصرة لأن الواقعية – خاصة واقعية القاع التي تجسد صورة المهمشين والضائعين والشخصية غير السوية اجتماعياً – هى أنسب الأنواع الأدبية التى تلائم طبيعة هذا العصر المُعاش ؛ فهى تتحدث عن المهمشين فى عالم تموج أطرافه بشتى الصراعات والاضطرابات والقضايا ويخضع خضوعاً تاماً للمادة ، بل تتحكم فيه المادية السافرة وتوجه مساره وتدعمه . وعلى ذلك يتسم التعبير الأدبى بهذه السمة الواقعية حتى يصبح التعبير -المناسب- عن روح العصر.
· مصطلح واقعية القاع هو الترجمة الملائمة من وجهة نظرى للمصطلح الانجليزى Dirty Realism (الواقعية القذرة) الذى ظهر فى انجلترا فى مجلةGranta التى حاولت التأريخ لنوع جديد من الكتابة الإبداعية بدأ يظهر فى أميركا فى الثمانينيات من القرن الماضى .
· لماذا إذن اخترت تطبيق تلك الواقعية على الكتابة الروائية المصرية والأميركية مع تباين المجتمعين ؟
· شغلنى سؤال هو كيف يكون هناك نوعية من واقعية القاع فى مجتمع رأسمالى مثل الأميركى ؟ إن وجود واقعية القاع فى مجتمع من مجتمعات العالم الثالث (المجتمع المصرى) مُبرر نظرا للظروف الاقتصادية الطاحنة التي لابد أن تصنع الفقراء والمُعدمين لكن فى المجتمع الرأسمالى الأميركى جنحت الرواية الأميركية (حسب النصوص المدروسة لريتشارد فورد وبول أوستر) إلى صياغة بنية قائمة على تشخيص الواقع بالضرورة ، متبنية أطروحة مفادها تدمير مفهوم "الحلم الأميركى" الجميل الذى تُصدّره السلطة الأمريكية إلى العالم ، ومن ثم جعلت النص يشخص الواقع كما هو دون تجميل بل استدعت فى تناولها للواقع المشاكل النفسية والتهميش والانحرافات التي تطال أفراد المجتمع ، بينما قامت الرواية المصرية على تناول الظواهر غير السوية فى المجتمع ، مؤكدة على الفساد والانهيار والتراجع ، وكاشفة – على خلاف الرواية الأمريكية – عن البعد الطبقى الاجتماعى بين الطبقة التي تموت جوعا والأخرى التي تموت من التخمة ، ثم صعود الطبقة البرجوازية الطفيلية .
· هل يمكن باعتقادك إحالة المقارنة بين كتاب مصريين وأميركيين في هذه الدراسة لغرض سياسي ؟
· لا , لأن ظهور مصطلح "واقعية القاع " فى مجلة جرانتا بوساطة اسلوب كتابة جديد عند كتاب أميركيين هم ريموند كارفر وريتشارد فورد وجين آن فيلبس وغيرهم هو الذى فرض المقارنة حيث ظهر المصطلح وظهرت نوعية الكتابة فيه فى أميركا ، أما فى مصر فظهورها نتاج طبيعى عند عدد من الكتاب الذين يرقبون جيداً التردى الاجتماعى الواضح ومن ثم يكشفوه عبر النص .
· وماذا عن كتابات القاع عند الجيل الجديد خاصة وانك مهتمة بالأدب الذى يكتبه الشباب ؟
· استمرار الكتابات داخل نطاق واقعية القاع أمر طبيعى طالما أن هناك خلل اجتماعى ملموس ، لكن تجربة الكتابة لدى الشباب ينبغى أن تُثقل ، فليس من المهم أن ينتج الأديب الشاب نصاً بل المهم أن يكون للنص قيمة ما ودلالة . وعندما تنضج التجربة الإبداعية للكاتب ثق أنها سوف تجد مجال الدراسة والنقد أمامها مفتوحاً .
· انتهيت من ترجمة رواية "فنان من العالم العائم" للكاتب الانجليزى يابانى الأصل كاو ايشيجوروا هل هناك أسباب وراءاختيارك لهذا الكاتب ؟
· ربما لأن نصوص الكاتب (الكوزموبوليتان) كازو إيشجوروا ترجمت إلى نحو ثمانية وعشرين لغة . و حققت روايته " رفات يوم " شهرة عالمية وذاع صيتها بعد تحولها إلى فيلم سينمائى و المبيعات العالمية التي وصلت إلى مليون نسخة في اللغة الإنجليزية وحدها كما ترجمت إلى اللغة العربية. وعلى الرغم من أن الكاتب كازو ايشيجورو قد هجر اليابان وهو فى الخامسة من عمره ، إلا أن أجواء كتابات معظم رواياته تحمل تفاصيل واقع الحياة فى اليابان
· وماذا عن النص ؟
· فى هذا النص الذي يقع زمنه منذ أكتوبر 1948 حتى يونيو 1950 تظهر قدرة الكاتب على السرد الوصفي للدمار الذي حاق بمدينة هيروشيما من جراء الحرب العالمية الثانية ، وإن كان أكثر سرد الرواية فى تاريخ أكتوبر 1948 نظراً لأن هذا التاريخ يمثل أعقاب ما حدث لليابان بعد مأساة إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما فى 8أغسطس 1945 ، حيث سقطت قنبلة يورانيوم تزن أكثر من 4.5 طن وأخذت اسما هو " ليتيل بوي" أو(الولد الصغير) على هيروشيما وقد اختير جسر أيووي –الموصوف فى النص- وهو واحد من 81 جسرا تربط سبعة أفرع في دلتا نهر أوتا ليكون نقطة الهدف وهو الموصوف فى رواية ايشيجورو. وحدد مكان الصفر لإلقاء القنبلة. وفي الساعة الثامنة وخمس عشر دقيقة تم إسقاط القنبلة من إينولا جيي . وقد أخطأت الهدف قليلا وسقطت على بعد 800 قدم منه. في الساعة الثامنة وست عشر دقيقة وبمجرد ومضة سريعة كان 66000 شخصاً قد قتلوا بواسطة تفجير القنبلة التي ألقتها الولايات المتحدة– لتضع نهاية الحرب العالمية الثانية - التي دمرت الجزء الأكبر من المدينة تماماً . وفى هذا النص يقارن ايشيجوروا بين قدر الدمار الذى لحق بمن فى المدينة من بشر وحجر معاً وبين سابق عهدهم فى المدينة .
· دكتورة عفاف , فى رأيك هل هناك عوائق تمر بها الترجمة من اللغات الاجنبية إلى العربية ؟
· لا أعتقد ذلك , لأن وجود مؤسسات قائمة على إصدار الكتاب المترجم والمُرَاجع جيدا الغى فكرة وجود عوائق وإن كان هناك ثمة عوائق فهى فى الحصول على أمر النشر من الدار الاجنبية التي تُصدر الكتاب طبقا لقانون حقوق الملكية الفكرية.
· انت راضية إذن عن الترجمات العربية الصادرة مؤخرا ؟
· نظرة سريعة إلى أشكال الترجمات العربية الأدبية تضعنا أمام ثلاث نوعيات متباينة من هذه الترجمات ، يتصف بعضها بالأمانة والدقة و السعي نحو المحافظة على الخصائص اللغوية والأدبية للنص المترجم ومثال على ذلك ترجمات ثائر ديب النقدية لتيرى اجلتون ورواية " انجيل الابن " لنورمان ميلر ، وترجمات محمد عنانى لشكسبير وإبراهيم فتحى لكتاب "قواعد الفن " لبيير بورديو ومجاهد عبد المنعم مجاهد لمشروع رينيه ويلك النقدى، وترجمة احمد محمود لكتاب"التحالف الاسود". وإصدارات المجلس الوطنى بالكويت خاصة سلسلة إبداعات عالمية. والبعض الآخر يندرج فى إطار الترجمات الحرة التى تعنى بالمحافظة على المضمون فى النص الأدبي دون التقيد بالصياغة اللغوية للأصل ، وخير مثال على ذلك بعض ما يصدر عن سلسلة الألف كتاب بالهيئة العامة للكتاب مثل كتاب " نظرات فى الأدب الأمريكى "، وهناك النوع الأخير من الترجمات وهو ما يعرف بالترجمات الملخصة أو المقتضبة، وهذا النوع من الترجمات تتسم بالحرفية التى تضر بروح النص وخصائصه الأدبية من ذلك ما حدث بشأن كتاب ادوارد سعيد المهم " العالم والنص والناقد " وقد صدرت ترجمته غير الدقيقة عن منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دون معرفة ادوار سعيد بذلك حسب ما تناهى إلى علمى .

ليست هناك تعليقات: