10‏/08‏/2019

محمد أبو زيد: الكتابة ليست سباقاً.. وهناك طفرة في عدد الشعراء




حاوره: حسين عبد الرحيم
صدر للشاعر والروائي محمد أبو زيد "1980" سبعة دواوين هي: "ثقب في الهواء بطول قامتي" عن الهيئة العامة لقصور الثقافة فى العام 2003، و"مديح الغابة" عن هيئة الكتاب 2006، و"قوم جلوس حولهم ماء" عن دار شرقيات 2005، و"طاعون يضع ساقًا فوق الأخرى وينظر للسماء" عن شرقيات 2009، و"مدهامتان" عن شرقيات 2012، و"مقدمة فى الغياب" عن دار شرقيات 2013، و"سوداء وجميلة" عن شرقيات 2015، كما صدر له ديوان للأطفال بعنوان "نعنانة مريم" عن كتاب قطر الندى، وصدر له مختارات شعرية بالفرنسية بعنوان "قصيدة الخراب" عن دار المنار بفرنسا 2014، كما صدر له كتاب نقدى بعنوان "الأرنب خارج القبعة" عن مؤسسة هنداوى 2016، وصدرت له روايتان "أثر النبي" عام 2010 عن دار شرقيات، ورواية"عنكبوت في القلب" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
"الدستور" التقت الكاتب والشاعرمحمد أبو زيد وأجرت معه هذا الحوار:


1ـ كيف كان استقبالك لروايتك "عنكبوت في القلب" بعد كل هذا الاحتفاء المتعدد المستويات في الصحف ووسائل السوشيال ميديا؟
ـ سعدت به طبعاً، وفاجأني أيضاً. خاصة أنني أعتقد أن هذا النوع من الكتابة، الذي لا يعتمد على طريقة الحكي الاعتيادية ويجنح للتجريب، قد لا يجد قارئه أو من يهتم به بسهولة.


2ـ مابين الشعر والسرد الروائي ورؤاك الفريدة في ماهيات السرد، كيف ترى موقعك فيما يروق لك من كتابات إبداعية سواء من خلالك او من خلال تناولك نقدياً؟
 ـ أنا أؤمن بالكتابة عموماً، وأعتقد أن من حق الكاتب أن يجرب جميع أنواع الفنون المتاحة إذا كانت ستضيف شيئاً إلى مشروعه الكتابي، تماماً كما يحدث في السينما، فكما نشاهد السينما الشعرية، ونرى الأفلام التي تمزج الإنميشن في الأفلام العادية، والأفلام التي تستلهم طريقة إخراجها من المسرح أو من الأفلام الوثائقية. أرى أنها كلها وسائل لكي نقول ما نريد قوله بالفن. المهم في البداية والنهاية هو فنية ما يقال. هل لامس الفن أم ابتعد عنه. لذا أستطيع أن أقول بكل وضوح أن مشروعي بالأساس شعري، لكن لا مانع لدي من أن ألجأ إلى أي نوع آخر من الفنون، سواء وُجد أم لم يوجد بعد، لكي يساعدني في ما أقول بطريقة أفضل.


3ـ كمسئول عن موقع ثقافي وإبداعي يتسم بالجدية والسريان في آفاق عميقة فيما يخص القوام السردي والإبداع الكتابي، ماهو تقيمك لتلك المسئولية بعد فعاليات تتجلي منذ عقدين من الزمان؟
ـ أعتقد أنه بعد 12 عاماً من إطلاق موقع الكتابة، يمكن أن أقول أن الأمر يقع بين حدود الدور والمسؤولية. مسؤولية أن أقدم للقارئ مستوى معيناً من الكتابة يرضي طموحه، ودور ثقافي للموقع في الوقت ذاته في أن يصبح أكبر أرشيف للثقافة المصرية، يمكنك بمجرد أن تدخل عليه أو تبحث داخله أن تجد فيه خريطة كاملة للإبداع المصري خلال العشرين عاماً ماضية. موقع الكتابة كان هو أول موقع ثقافي مصري ولا زال مستمراً بجهد أصدقاء أعزاء يعملون بشكل مجاني في الموقع وهم الطاهر شرقاوي وإيمان السباعي وإبراهيم عادل وأسماء جمال عبد الناصر، وهذه فرصة أن أشكرهم على جهدهم الكبير الذي يبذلونه دون أي مقابل، فقط يفعلون ذلك محبة في الكتابة والفن، والمسؤولية كبيرة طبعاً، وأرجو أن يكون الموقع على قدرها.


4 ـ عن رؤيتك المعرفية والثقافية لدور المواقع الثقافية والإبداعية التي صارت ملاذا لأشكال وصنوف عدة من الإبداع ، كيف ترى هذه الفعاليات فيما يخص الذائقة النقدية وأشكال الكتابة وجدوى تاثيرها في المجال او الخارطة الثقافية؟
ـ أحد الأسباب التي دفعتني لإطلاق موقع الكتابة قبل 12 عاماً، هو أزمة النشر، وأن عدد الصحف والمجلات الأدبية والصحفات الثقافية محدود للغاية، وتسيطر عليه في الغالب الشللية، وكان من الصعوبة بمكان لأي كاتب أن ينشر نصا جديداً وأن يخترق السور الذي يحيط بمسؤول النشر في هذه المنصات. لكن انظر الآن. الأمر تغير تماماً، يمكن لأي شخص أن ينشر ما يريد، سواء عبر المنصات الثقافية المعروفة أو المجهولة أو حتى عبر صفحته على فيس بوك. وأرى أن ذلك جيد، بغض النظر عن أن الغث قد يكون أحياناً أكثر من السمين. لكن من المهم لكل شخص أن يأخذ فرصته، وأن يجرب مرة واثنتين وعشرة، وأرى أن الزمن أكبر مصفاة. وسيبقى في النهاية من هو جدير بالفعل أن يبقى.



5 ـ كيف ترى موقعك في مسارك الإبداعي بين جيلك، وهل أنت مقتنع بمسالة المجايلة؟
ـ لا أستطيع أن أحكم على موقعي في جيلي. ولست مهتماً بذلك، لأن الكتابة ليست سباقاً، ولا توجد فيها أفضلية، ولا توجد جائزة في النهاية لمن كتب أكثر أو أقل.  سباق الكاتب الأساسي مع نفسه، أن يستخرج أفضل ما يمكنه من كتابته. أرى أن لديّ مشروعي الخاص بالكتابة، ولا أريد من هذا المشروع أن يبز فلاناً أو يتفوق على علان. أريد أن أكتب مشروعي فقط، سواء كان أفضل أو أسوأ من غيري. لكن هذه الأفضلية ليست مهمة على الإطلاق. بالنسبة لمسألة المجايلة، أعتقد أنها جدلية، لكني أعتقد أنها تعتمد على فكرة أن عدداً من الكتاب بدأوا الكتابة، ونشأول في زمن معين وتأثروا بتغييرات اجتماعية واقتصادية وثقافية أثرت فيهم، فمن الطبيعي في هذه الحالة أن يكونوا قريبين فكرياً، لكن طبعا هناك مشاريع أدبية مختلفة تنسف هذا الاعتقاد.


6ـ عن الوجود والخواء والعدم واللا جدوى بل والعبث فيما وراء مضمونك الإبداعي، إلى أي مدي أثر المعيشي في التجربة الإبداعية عند الشاعر والروائي محمد ابو زيد؟
ـ أعتقد أن الشعر هو التاريخ الشخصي للكاتب، أقصد تاريخ مشاعره، بينما الرواية يمكن أن تكون تاريخ محيطه الاجتماعي والسياسي والثقافي. ولا شك أن ما حدث في مصر خلال السنوات الماضية التي عشتها، انعكس بشكل أو بآخر في كتابتي. ليس بشكل مباشر بالطبع. لكن أعتقد أيضاً أنه مع مرور الوقت وتراكم الخبرة تحدث إزاحات نفسية لدى الكاتب، وانتقائية فيما يريد أن يكتب عنه أو ما لا يريد، وغالبا تتكون هذه الانتقائية عن طريق اللاوعي، لأن القصدية ـ وخصوصاً في الشعر ـ ضد الإبداع.


7ـ تقييمك للخارطة أو الشأن الثقافي والإبداعي في اللحظة الآنية؟
ـ أعتقد أن هناك حالة حراك ثقافي حقيقية بعيداً عن المؤسسة الرسمية، هناك طفرة حقيقية في عدد الكتاب، خصوصاً في الشعر. وأعتقد أن من يتابع عدد الشعراء الذين يكتبون كل يوم قصائدهم على وسائل التواصل الاجتماعي سيدرك أن هؤلاء هم أكبر رد على نظرية "زمن الرواية"، وأعتقد أيضا أن هذه المواقع الاجتماعية قامت بدور مهم جداً في تقريب الكتاب المصريين من نظرائهم العرب، وهو ما سينعكس مع الوقت في تكوين صوت عربي ثقافي متفاهم ومتناغم، بعد أن ظللنا لسنوات طوال ـ بسبب الانغلاق الثقافي لا سيما في الثمانينات والتسعينات ـ نعاني من قطيعة ثقافية عربية، فتكون جيل في بلال المغرب العربي لا يعرف شيئا عنا، وجيل في دول الخليج لم يقرأ معظم ما كتبه أقرانهم في مصر.

8ـ هل أثرت أو صنعت  تلك المسئوليات الجمة فيما يخص مسئوليك عن موقع الكتابة الثقافي في سريان او تاكيد قوامك كمبدع ؟
ـ لا أعتقد ذلك. لأنني أكتب وأنشر بمنأى عن موقع الكتابة الثقافي. وتوقفت لسنوات طوال عن النشر في مواقع أو صحف لأنني كنت أرى أنه لا يصح أن أفعل ذلك وأنا مسؤول عن موقع ثقافي، ولا أستغل الموقع في نشر أي نص لي أو الترويج لكتابتي. وعدد كبير من كتاب الموقع لا يعرفونني بشكل شخصي، ويتواصلون عن طريق البريد الإلكتروني، دون أن أوقع باسمي.


9ـ كل من هو قريب من الكاتب المبدع محمد أبو زيد يكتشف بعدك عن الشللية بعد التوافق مع أسماء بعينها في الكتابي والوجودي والحياتي، هل هناك دوافع ما وراء هذه الإختيارات؟
ـ لديّ قائمة صغيرة من الأصدقاء نلتقي دائماً، ولا يوجد أحد فيهم مسؤول عن مؤسسة ثقافية أو صفحة أدبية،  لذا لا يمكن أن تقول إننا شلة مؤثرة. نحن أصدقاء فقط، ونلتقي فقط على بساط الثقافة فقط. وأعتقد أن الكاتب ـ أي كاتب ـ هدفه الأسمى أن يكتب، لا أن يبحث عن منصب أو يقضي وقته في النميمة أو عقد عداوات مجانية أو الصراع من أجل أي شيء. ما أسعى إليه فقط هو أن أكتب، أن أواصل مشروعي الإبداعي. ولا أهتم بأي شيء آخر في الوسط الأدبي.


10ـ  في أي فضاء أو إطار إبداعي يجد الكاتب محمد ابو زيد بغيته وسلوته وخلاصه؟
ـ أحب الشعر، وأجد فيه الخلاص. أجد فيه اللمسة السحرية التي إذا مست هذا العالم يمكنها أن تحيله إلى جنة. أجد فيه الروح التي تنقص الجمادات كي تتحرك، أجد فيه روحي وطريقي ومبدأي ومنتهاي.
..............
الدستور: الإثنين 03/يونيو/2019 - 03:24 ص


ليست هناك تعليقات: