10‏/08‏/2019

محمد أبوزيد لـ الجريدة•: الناشرون لا يأبهون بالشعر لأنه «لا يبيع»


حاوره أحمد الجمال
مازال الأديب المصري محمد أبوزيد يلفت أنظارنا إلى روعة ما يغزله بقلمه، سواء في عالم القصيدة التي برع فيها شاعراً، أو حين طرق أبواب السرد، وبمناسبة صدور روايته الجديدة الشائقة «عنكبوت في القلب».. التقته «الجريدة» في هذا الحوار الذي أكد فيه أن روايته الجديدة استكمال لمشروعه الشعري، وأن الشعر باق رغم أن الناشرين لا يأبهون به... وإلى نص الحوار:
• ما الأجواء التي تدور فيها روايتك الجديدة "عنكبوت في القلب"؟
- أعتبر هذه الرواية تكملة لمشروعي الشعري، إذ تدور حول شخصية فتاة اسمها ميرفت عبدالعزيز، هذه الفتاة ظهرت في جميع دواويني السابقة تقريبا. ويمكن القول إنني فتحت قوسا في ديواني "قوم جلوس حولهم ماء"، الذي ظهرت فيه هذه الشخصية لأول مرة، ثم تتابع ظهورها في جميع الدواوين التالية، حتى وصلت إلى هذه الرواية، وتجلت فيها تماما كشخصية مكتملة، وتحولت من شخصية شعرية إلى شخصية روائية، حيث يمكنني بهذا العمل أن أغلق القوس، وأقول إن التجربة انتهت هنا. أفضل أن يُنظر إلى الرواية باعتبارها نقطة على هذا الخط الذي توجد فيه دواويني السابقة، تكمله وليست شيئا مختلفاً أو مغايراً.
• إلى أي مدى تتماشى الرواية مع ذاتك؟
- جميع شخصيات الرواية تتماشى مع ذات المؤلف، لأنها خارجة من داخله. لكن من يقرأ الرواية قد يعتقد أن الغرائبية فيها تجعلها بعيدة عن الواقع، وهذا حقيقي، لكن أعتقد أن المحك الأساسي في كتابة الرواية بالنسبة لي كان هو كيف يمكن تحويل العادي إلى غرائبي، وكيف يمكن تحويل الغرائبي إلى عادي!
وتنقسم الرواية إلى أربعة أقسام: فتى، فتاة، مؤلف، سيارة. وفي القسم الثالث "مؤلف" أظهر بصفتي مؤلفاً، وأتحدث عن الرواية وعن علاقتي بها، وعن علاقتي بأبطالها، وعن حيرتي بشأن مصائرهم، وهذه محاولة لإشراك القارئ في لعبة الكتابة. وإذا كان البعض يمكنه أن يفسر هذا باعتباره تجريباً، فإنني أعتبره "نوع الكتابة الذي أفضله"، والذي يختلف عن السرد التقليدي الذي لا أجيده.
• بدأت شاعراً، ثم تحولت إلى الرواية، لماذا؟ وهل هذا بسبب أزمة نشر الشعر التي أشرت إليها في مقال لك؟
- لازلت شاعراً، وكتبت في فصل المؤلف في الرواية أنني أفضّل أن أكون شاعراً، وهذا ليس تقليلاً من الرواية ولا الروائيين، بل تهيُباً. وأي عمل فني، سواء كان شعراً أو قصة أو رواية أو موسيقى، يحتاج إلى جهد كبير. أتفق معك في أن هناك أزمة حقيقية في نشر الشعر في الفترة الأخيرة، سواء في دور النشر الخاصة أو العامة، لكن هذا لن يدفعني إلى تغيير اتجاهي في الكتابة. وسبب الأزمة أن الناشرين لا يأبهون بالشعر، لأنه في نظرهم "لا يبيع"، طبعاً لكل قاعدة استثناء، لكن هذا التصور نتيجة تراكمات طويلة، منذ أن قال أحد النقاد إن هذا زمن الرواية وانتهاء بوجود عشرات الجوائز للرواية، ولا توجد جوائز للشعر، لكن ما أريد قوله هو أنه لا دور النشر ولا الجوائز هي التي ستدفع كاتباً لتغيير اتجاهه في الكتابة - حتى لو فعل البعض ذلك - فالشعر باق شاء من شاء وأبى من أبى، حتى لو كتبنا قصائدنا واحتفظنا بها في أدراجنا دون نشر، سيظل الشعر ملاذاً لنا وللقراء.
• ما الذي وفّرته لك الرواية ولم يكن ليستوعبه النص الشعري؟
- أفضّل أن تدرج هذه الرواية، تحت مسمى "الكتابة"، لأنني كتبتها بهذا القصد. لم أكتبها لأنني وددت أن أترك الشعر وأتجه للرواية، بل كتبتها لأنني أرى أنها قطعة "بازلت" مهمة تكمل جزءاً مما أعتبره مشروعي الإبداعي.
• تناولت أعمالك بالنقد أسماءٌ كبيرة، كيف يستفيد الأديب من توجيهات النقاد؟... حدثني هنا في ضوء تجربتك.
- في البدء كان الإبداع، ثم جاء النقد، أقصد أن النقد عمل حاصل للكتابة الإبداعية، وهو مفيد في كل الأحوال، ويضيء على نقاط في العمل الأدبي قد تكون غير واضحة للكاتب، أو تشرح للقارئ بعض ما يقصده الكاتب. لكن في الوقت ذاته من المهم هنا أن أشير إلى أن ثمة أزمة نقد حقيقة في العالم العربي.
فإلى جانب أنه لا توجد نظريات نقدية عربية، لدينا إشكالية في أنه لا يوجد جيل جديد من النقاد يتابع جديد المطابع إلا عدد محدود يعد على أصابع اليد الواحدة، أما الجيل القديم من النقاد، فهو لا يلتفت إلى الأجيال اللاحقة له من الكتّاب. وربما تتضح هذه المشكلة في الشعر أكثر منها في الرواية، لذا نجد أن معظم الدراسات النقدية لكتّاب ومبدعين، وليس لنقاد أكاديميين يجب عليهم متابعة الجيل في الشعر والرواية.
• كتبت شعراً للأطفال.. وصدر لك "نعناعة مريم" عن هيئة قصور الثقافة عام 2005، لماذا لم تكرر التجربة؟
- الكتابة للأطفال تحتاج إلى حساسية خاصة، ربما كنت أملكها وقت أن كتبت هذا الديوان، ليس بإمكاني أن أعبئ الورق بأي كلام، وأقول هذا شعر، فالكتابة للأطفال مسؤولية كبيرة، لأنها تشكل وعي ووجدان قارئها. على عكس الكتابة للكبار، حيث يقرأ القارئ على مسؤوليته الشخصية. فضلاً عن أن الكتابة للأطفال تتطلب مواصفات خاصة، فإننا لدينا أزمة كبرى في النشر للأطفال، أولاً لقلة عدد مجلات الأطفال العربية، والتي تتناقص تدريجياً حتى أوشكت على الاختفاء، إضافة إلى أن النشر للأطفال أصبح صعباً حتى على الناشرين أنفسهم، لتكلفته المرتفعة، وحتى عندما نجد كتباً للأطفال فهي مرتفعة لثمن، وفي الغالب تصل إلى شريحة معينة.
• برأيك ما هي المواصفات التي يجب أن تتسم بها القصيدة الموجهة للصغار؟
- البساطة هي الأساس، وفهم كيف يفكر الطفل، حتى يستطيع الكاتب أن يصل إليه.
• ما المشروع الأدبي الذي تخطط له الآن؟
- أعمل حالياً على ديوان جديد بعنوان "جحيم"، أرجو أن يصدر قريباً.


ليست هناك تعليقات: