أول ملامح الأرصفة عابروها.. وعابرو الأرصفة يختلفون ، لأنهم في أغلبهم غرباء، و ربما لان القاهرة تحبهم فهم أيضا يحبونها، ويأتون إليها دائما. القاهرة مدينة بالمعنى الكامل لكلمة مدينة بكل ما تطرحه هذه الكلمة من قسوة، وصرامة، وحميمية في آن واحد، لكن أرصفة القاهرة أكثر حميمية منها، ربما لان ساكنيها استطاعوا أن يحولوا هذه الأرصفة إلي جزء من الحياة، بل حياة كاملة متكاملة، مستقلة بذاتها، فيها كل شيء: البيوت، بعد أن اعتبر الشحاذون الأرصفة بيوتهم، المقاهي، بعد أن أصبح أصحاب المقاهي يعتبرون الأرصفة امتدادا طبيعيا لمقاهيهم، السوبر ماركت، طبعا هنا يباع كل شيء والصين عندما غزت السوق المصري غزته من السلم الخلفي الأسرع انتشارا، اتجهت مباشرة للطبقة الأكثر انتشارا، والأكثر فقرا، والتي تفضل أن تشتري احتياجاتها من على الأرصفة لانها الاقرب لها، والأكثر التصاقا بها وان تكتفي فقط بالفرجة على الملابس اللامعة المغسولة جيدا، والمغرية جدا والتي تقف وراء فاترينات وزجاج المحلات الكبرى تغريهم بالدخول لكن جيوبهم لا تساعدهم علي ذلك، ثم يذهبون إلي الأرصفة بحثا عن التقليد.
العابرون يعتبرون الأرصفة بيتهم الثاني، ولاسيما في الصيف حين تضيق الشقق الضيقة بمن فيها، فيقررون البحث عن نسمة من الهواء، على الأرصفة التي تحتويهم جميعا رغم الضغط الشديد عليها، لكن العابرين أيضا ينقسمون إلى أنواع، أولهم الغرباء الذين تحدثنا عنهم من قبل الذين يجدون في أرصفة القاهرة ملاذا من وحشة المدينة، من غضبتها، وقسوتها على ريفيتهم التي لم يلوثها بعد زعيق السيارات، وتدافعها ودخانها الذي يسود الجو، ريفيتهم التي لم تدهسها عجلة السرعة في المدينة لذا يسيرون على الأرصفة يستندون إلى الحوائط، وهم ينظرون نظرة ـ في أعمها داهشة ـ ذاهلة، غاضبة أحيانا، إلى هذه الحياة، هم فقط يشعرون بالامتنان الشديد لهذا الرصيف الذي استطاع ان يحميهم، هم يخافون ان يهبطوا الى نهر الطريق، فالسيارات لا تتوقف، واذا ساروا معا ساروا جماعات متراصة، مع ان هذا ضد قوانين السير في العاصمة وعلى أرصفتها، ففي قراهم الشوارع متسعة فارغة لا يمر بها احد إلا لماما لذا هم يسيرون هنا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، اما هنا، على ارصفة العاصمة فليس من المجدي اطلاقا ان يمروا هكذا.
الأرصفة تتيح للغرباء أيضا فرصة رؤية القاهرة السفلية كيف يعيش أهلها، أهلها الحقيقيون، كيف يأكلون: عربات الفول والكشري تنتشر على أرصفة كثيرة ، ولا سيما في أحيائها الشعبية، وعربات البسبوسة والبسيمة «التشكيلة» وبلح الشام موجودة ايضا، ماذا يشرب ساكنو الأرصفة: هنا ستجد أن باعة العرقسوس الذين لا يكفون عن النداء «شفا وخمير ياعرقسوس» لا يكفون ايضا عن التجوال على الأرصفة حيث جمهورهم الأوحد، الطبقة الحقيقية التي تكون مصر الحقيقية البعيدة عن الارستقراطية الخادعة، هنا ستجد باعة الخروب والتمر هندي والسوبيا، ومحلات عصير القصب، القادم من أقصى الصعيد على عربات ربع نقل قطعت عشرات الكيلومترات إلى العاصمة، الأرصفة تتيح للغرباء أيضا أن يشاهدوا عيون القاهرة المفتوحة، أقصد مقاهيها، أن يشاهدوا محلاتها، ودكاكينها، وحلاقيها وعطاريها ومكتباتها، خردواتها التي أصبح الرصيف جزء مكملا لها. الرصيف كما هو مهم تماما في حياة المدينة هو مهم أيضا في حياة الغرباء عنها.. لأن يضع أيديهم على ما يبحثون عنه، تاريخ القاهرة، بل القاهرة ذاتها.
بالنسبة إلى الكثير من العابرين الغرباء يعتبر الرصيف مكان للتلاقي ، فأين تستطيع أن تقابل صديقا ، أو صاحب عمل ، غير هنا ، في مقهى يطل على الرصيف ، أو محطة مترو ، أو محطة أتوبيس ، أو رصيف كبير كالتحرير ، هو مكان للتعرف أيضا على الحياة ، العابرون يعتبرونه نافذتهم ، نظارتهم التي يخشون أن تسقط من فوق أنوفهم .
العابرون يعتبرون الأرصفة بيتهم الثاني، ولاسيما في الصيف حين تضيق الشقق الضيقة بمن فيها، فيقررون البحث عن نسمة من الهواء، على الأرصفة التي تحتويهم جميعا رغم الضغط الشديد عليها، لكن العابرين أيضا ينقسمون إلى أنواع، أولهم الغرباء الذين تحدثنا عنهم من قبل الذين يجدون في أرصفة القاهرة ملاذا من وحشة المدينة، من غضبتها، وقسوتها على ريفيتهم التي لم يلوثها بعد زعيق السيارات، وتدافعها ودخانها الذي يسود الجو، ريفيتهم التي لم تدهسها عجلة السرعة في المدينة لذا يسيرون على الأرصفة يستندون إلى الحوائط، وهم ينظرون نظرة ـ في أعمها داهشة ـ ذاهلة، غاضبة أحيانا، إلى هذه الحياة، هم فقط يشعرون بالامتنان الشديد لهذا الرصيف الذي استطاع ان يحميهم، هم يخافون ان يهبطوا الى نهر الطريق، فالسيارات لا تتوقف، واذا ساروا معا ساروا جماعات متراصة، مع ان هذا ضد قوانين السير في العاصمة وعلى أرصفتها، ففي قراهم الشوارع متسعة فارغة لا يمر بها احد إلا لماما لذا هم يسيرون هنا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، اما هنا، على ارصفة العاصمة فليس من المجدي اطلاقا ان يمروا هكذا.
الأرصفة تتيح للغرباء أيضا فرصة رؤية القاهرة السفلية كيف يعيش أهلها، أهلها الحقيقيون، كيف يأكلون: عربات الفول والكشري تنتشر على أرصفة كثيرة ، ولا سيما في أحيائها الشعبية، وعربات البسبوسة والبسيمة «التشكيلة» وبلح الشام موجودة ايضا، ماذا يشرب ساكنو الأرصفة: هنا ستجد أن باعة العرقسوس الذين لا يكفون عن النداء «شفا وخمير ياعرقسوس» لا يكفون ايضا عن التجوال على الأرصفة حيث جمهورهم الأوحد، الطبقة الحقيقية التي تكون مصر الحقيقية البعيدة عن الارستقراطية الخادعة، هنا ستجد باعة الخروب والتمر هندي والسوبيا، ومحلات عصير القصب، القادم من أقصى الصعيد على عربات ربع نقل قطعت عشرات الكيلومترات إلى العاصمة، الأرصفة تتيح للغرباء أيضا أن يشاهدوا عيون القاهرة المفتوحة، أقصد مقاهيها، أن يشاهدوا محلاتها، ودكاكينها، وحلاقيها وعطاريها ومكتباتها، خردواتها التي أصبح الرصيف جزء مكملا لها. الرصيف كما هو مهم تماما في حياة المدينة هو مهم أيضا في حياة الغرباء عنها.. لأن يضع أيديهم على ما يبحثون عنه، تاريخ القاهرة، بل القاهرة ذاتها.
بالنسبة إلى الكثير من العابرين الغرباء يعتبر الرصيف مكان للتلاقي ، فأين تستطيع أن تقابل صديقا ، أو صاحب عمل ، غير هنا ، في مقهى يطل على الرصيف ، أو محطة مترو ، أو محطة أتوبيس ، أو رصيف كبير كالتحرير ، هو مكان للتعرف أيضا على الحياة ، العابرون يعتبرونه نافذتهم ، نظارتهم التي يخشون أن تسقط من فوق أنوفهم .
هناك تعليق واحد:
اكتر ارصفه تحب تتفرج على الناس و كل حاجه فيها
التحرير و وسط البلد
الاغراب و غبر الاغراب هناك بتلاقوا
إرسال تعليق