09‏/11‏/2006

سيد حجازي


اسمه سيد حجازي ، سيد الذي كان يسكن سطح أحد البيوت الأهلية بمنطقة بولاق الدكرور ، حين تأملت غرفته الوحيدة فوق السطح والتي تتجاور مع غرفة لتربية الدجاج يملكها صاحب البيت، وجدت جدرانها تمتلئ بصور الممثلين لا سيما أميتاب باتشان، وصور كبيرة لسيلفستر ستالوني من أفيش لأحد أفلامه، تتجاور مع صورة لليلى علوي. ولوحة كبيرة مكتوب عليها بالخط الثلث آية الكرسي، لم يكن بالحجرة أشياء كثيرة ، لم يكن هناك سوى سرير صغير مفرودة عليه بطاطين وآنية طهي، ووابور قديم وأكواب شاي.. لكن سيد كان متفائلاً إلى حد كبير، و حكى لي أنه يعمل (كومبارس) ويأخذ 20 جنيهاً في اليوم. وانه يتدرب مع أصدقائه على أداء هاملت لشكسبير استعداداً لالتحاقه بمعهد المسرح..وأخذ يقرأ لي من ورق قديم في يده ، اهترأت أطرافه ، يبدو أنه تم تصويره من كتاب قديم مقاطع بصوت حاول أن يجعله متهدجا ، وقال لي " ما رأيك ، أنفع ممثل ؟ " وقال لي أيضاً، انه مقبل من إحدى قرى الصعيد، و أنه حاصل على دبلوم تجارة، وانه جرب الكثير من المهن لكن فشل فيها جميعاً، وان الجميع كان يرى فيه أنه سيصبح يوماً مثل عمر الشريف ورشدي أباظة.
سيد حكى لي أيضاً عن الأفلام التي شارك فيها، وقال انه ظهر في لقطة من فيلم البطل لأحمد زكي وهو وسط الجماهير ويصفق لأجله ويرتدي ملابس خواجة اشتراها من الوكالة ، وانه شارك في العديد من مسلسلات رمضان، وأراني صورة له وهو يقف بجوار الممثل كمال أبو رية، وأخرى له وهو يرتدي الطربوش الذي ظهر به في مسلسل «الشارع الجديد» خلف عزت العلايلي في إحدى المظاهرات، وانه كان يهتف «يحيا سعد، يحيا سعد».سيد وقف خارج باب حجرته، وقال لي انظر، حينما قمت لأنظر، أشار إلى السطوح وهو يقول: كل هذا السطح ملكي، وبهذا تكون (شقتي) أوسع ممن يسكنون بالأسفل، لا يشاركني فيه سوى غرفة الدجاج هذه (وأشار إليها باشمئزاز)، وتابع " في الليل أخرج من حجرتي، وأقف وحدي على السطح وأبدأ في تقليد الممثلين، يوسف وهبي، إسماعيل يس، عمر الشريف، شكري سرحان، وغيرهم، وأطل من فوق هذا السطح على هذه المدينة، وعلى البيوت التي أراها من أعلى، وأنا متأكد أنني في يوم ما سأهبط من السطح إلى الشقق السفلى حين سألته عن رأيه في أفلام داود عبد السيد لم يفهم ، وانتقل إلى موضوع آخر.قبل أن أترك سيد قال لي «أريدك أن تكتب لي خطاباً لأهلي في البلد (بأسلوبك الحلو) تطمئنهم علي، وأخبرهم بميعاد إذاعة المسلسل الذي سأظهر فيه».تركت سيد، وأنا أتأمل حياته، وأحلامه بأن يهبط يوماً، من الهامش إلى المتن، من أعلى إلى أسفل، أن يصبح ممثلا مشهورا ،حتى ولو لم يكن يعرف مخرج اسمه داود عبد السيد .

ليست هناك تعليقات: