07‏/07‏/2007

السر الذي أخذه المشير معه

حين قامت حرب يونيه 1967 والتي اصطلح على تسميتها فيما بعد بالنكسة ، كانت كل أصابع المسئولية تشير إلى المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة المصرية في ذلك الحين ، وربما زاد من هذا الأمر رفض الشعب المصري لقرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالتنحي عن منصبه ، وبات من الضروري تقديم كبش فداء للجماهير الغاضبة ، ورغم كثرة الشائعات عن مكان المشير عبد الحكيم عامر وقت وقوع النكسة وعلاقاته النسائية التي شغلته عن الاهتمام بالجيش واستغلال صداقته بعبد الناصر في زيادة نفوذه ، و طرحت العديد من الأسئلة حول كيف لم يتمكن من رد الهجوم الإسرائيلي ، وكيف استطاع الطيران الإسرائيلي تدمير الطائرات المصرية وهي رابضة على الأرض لم تتحرك ، لكن السؤال الأكثر سخونة كان لماذا اتخذ المشير عبد الحكيم عامر قرارا بالانسحاب المفاجئ ، و بطريقة غير منظمة مما زاد من خسائر الجيش المصري بصورة كبيرة ، ما حدث بعد الحرب لم يكن يبعد عن ذلك كثيرا ، فبرغم الصداقة الوطيدة بينه و بين عبد الناصر ، ورغم أنه ظل على رأس المؤسسة العسكرية لمدة 14 عاما ، عاما شهدت خلالها العدوان الثلاثي عام 1956 وانفصال سوريا عام 1961 وحرب اليمن عام1962 وأخيرا نكسة يونيو ، إلا أن ذلك لم يمنع من أن تتم تنحيته عن جميع مناصبه، ومن ثم يقوم بالاعتصام في منزله بمحافظة الجيزة ومعه بعض قيادات القوات المسلحة المتعاطفين معه، وهو ما دعا الرئيس جمال عبد الناصرلأن يدعوه للتفاوض معه حتى لا تزداد حالة البلبلة خاصة بعد أن وصلت عبد الناصر أنباء عن اعتزام المشير التوجه إلى إحدى القواعد العسكرية للقيام بانقلاب عسكري من هناك.وأثناء حوار عبد الناصر وعبد الحكيم عامر توجه وزير الحربية ورئيس الأركان الجديدان محمد فوزي وعبد المنعم رياض إلى بيت المشير وأمرا القادة المعتصمين بالمنزل بتسليم أنفسهم والأسلحة التي بحوزتهم, وتحت التهديد باستعمال القوة استسلم هؤلاء القادة وانتهى الاعتصام ، ثم فرضت الإقامة الجبرية على المشير لكنه لم يحتمل ذلك خاصة في ظل الانهيار النفسي الذي كان يعاني منه عقب الهزيمة ، وفي 14 سبتمبر/أيلول 1967 تم الإعلان عن موته منتحرا, ودفن في قريته أسطال التي ولد فيها قبل 48 عاما من وفاته ، ورغم العديد من الأقاويل التي تدعي أن الجهاز الرسمي دفعه إلى الانتحار ، أو قام بدس السم له ، وهو ما دفع زوجته الممثلة برلنتي عبد الحميد ، والتي اعترض عبد الناصر على زواجه منها ، تطالب في السنوات الأخيرة باستخراج جثته وتشريحها للتأكد من حقيقة موته ، وتقول برلنتي في كتابها الطريق إلى قدري " تم الادعاء عليه بأنه انتحر ،وتم تشويه سمعته الشخصية وتصويره بأنه الذي جر الهزائم ، وتم قتله في عملية دنيئة لا يزال يحمل بعض الأحياء وزرها " ، أيا كان الأمر ، فإنه تتبقى حقيقة واحدة هي أن المشير عبد الحكيم عامر رحل ومعه أحد الأسرار المهمة في تاريخ السياسة المصرية والعربية ، ألا وهو حقيقة نكسة 67 .

ليست هناك تعليقات: