02‏/09‏/2006

تابوهات الشتيمة

تابوهات الشتيمة


الشتيمة ثقافة اجتماعية موجودة ، وتمارس يوميا حتى لو اعترض البعض على ذلك ، نسمعها ونحن نركب الميكروباص ذاهبين إلى أعمالنا في الصباح ، نسمعها من صاحب مقهى يثني على العامل لديه ، فلا يجد ثناء افضل من وصفه بأنه " ابن كلب ناصح " ، نسمعها في الاستاد بين المشجعين ، يحثون أحد اللاعبين على الجري ، أو يشتمونه لأنه لا يلعب ،نسمعها من اب عصاه ولده ، نسمعها من أم يرفض ابنها ان يذاكر ، نسمعها من شلة أصدقاء يضحكون مع بعضهم ، نسمعها في كل لحظة ، لدرجة أنها أصبحت فعلا عاديا ، مثل صباح الخير ، نسمعها فلا تثير لدينا أي رد فعل .
مع التعود على الشتيمة ، ومع كونها أصبحت فعلا يوميا اعتياديا ، لم يعد الأمر يمثل بالنسبة لنا أكثر من ربما نستثار فقط إذا عبرت الشتيمة خطوطها الحمراء ، بغض النظر عن أن فعل الشتم نفسه يعتبر خطا أحمر ، أما إذا ظلت في نطاقها العادي أو الذي اصبح عاديا فلا ضير ، خطوط الشتيمة الحمراء هي تابوهاتها ، هي تابوهات المجتمع كله ، تابوهات الثقافة والكتابة وكل ما يمارس في الخفاء أو العلن .
تابوهات الشتيمة ، هي الجنس والدين والسياسة ، مع ان البعض يحب أن يتجاوزها ، والبعض اصبحت له امرا عاديا ، الشتائم الجنسية موجودة بالفعل ومنتشرة ،ولكن ليس مثل الشتائم العادية ، التي تقال في اي مكان ، الشتائم الجنسية تصبح خطا أحمر وتتحول إلى مشاجرة إذا تعدت المرء نفسه إلى والديه ، او والدته بالتحديد ، وربما بسبب الموروث الثقافي تصبح شتيمة النساء أكثر وطأة من شتيمة الرجال وتطلق عادة بغرض إثارة الآخر والحط من قدره وشأنه الاجتماعي لما تمثله عورة المرأة من دلالة في المورث بالرغم من أن النزاع أو الإشكال بين الرجال ذاتهم وليس للنساء أي دور فيه وبدلاً من أن توجه الشتيمة أو السب إلى الرجل ذاته توجه إلى أمه أو أخته.، وغالبا فالرجال يحرصون عند إطلاق شتائمهم هذا إلا يكون هناك نساء في المكان " قال يعني بيتكسف " ، فلا تطلق في ميكروباص مثلا ، لكن الامر الذي يصبح مثالا للسخرية أن النساء أصبحن يستخدمن هذه الشتائم أيضا
الشتائم الخاصة بالدين " سب الدين " هي الأكثر إثارة للغضب بين الناس ، والكثر إثارة للحساسيات لا سيما لو انطلقت من شخص دينه مخالف ، وقد تتحول في هذه الالة إلى فتنة دينية ، سب الدين لا ينطق به إلا من فقدوا حائط صدهم الأخير ، الدين ، ولم يعودوا يملكون شيئا .
أما السياسة ، فقلما تجد شخصا يستطيع أن يتفوه ضد النظام الحاكم ، أم إذا فعل فلا بد أن يكون على علاقة وطيدة بمن يجلسون معه ، يعرفهم جيدا ، اما غذا تفوهت أنت أمامه بجملة فسيقول لك " خلينا نربي عيالنا ، الحيطان لها ودان " ، اما أشهر شتيمة سياسية أطلقها شخص مسئول فكانت " العلوج " والتي كان محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام العراقي في نظام صدام حسين ، يصف بها الأميركيين .

ليست هناك تعليقات: