30‏/09‏/2006

النائمون في السيدة زينب


كنت في مسجد السيدة زينب منذ يومين الساعة الواحدة ظهرا ، وفاجأني هذا المنظرأعلاه للنائمين بطول وعرض المسجد ، في منتصف النهار ، وأينما تلفت وجدت نائما أسفل مروحة من مراوح المسجدالكثيرة ، هذا المشهد لا أعتقد أن الإسلام قال به ، ولا رمضان ذلك الشهر الكريم يتطلبه ،ولم يوص به الرسول في أحاديثه
أيها النائمون نهارا تحت المراوح .. الساهرون ليلا أمام المسلسلات . استيقظوا يرحمكم الله

20‏/09‏/2006

رصاصة الرحمة




(1)
.. .. ..
.. .. ..
.. .. ..
إلــــخ

(2)
هنا
أسفل يدى بالضبط
قطعة تدق
كل يوم خمس دقات
فى الدقة الخامسة : تستيقظ التماسيح
فى الرابعة : ينفخ فى الصور
فى الثالثة : مكرر
فى الثانية : أبدأ الكتابة
فى الأولى : أترك ذراعي على الورقة
وأجرى فى الشوارع
صارخا

(2)
لم نعد مبهرين كالجان
لم نعد مشعين
نحلق فوق الناس بقلوب وقصائد متوهجة
لسنا أجمل من الديناصورات
ولا أسعد من الحمقى
فقدنا كل مبررات وجودنا
فقدنا قبورنا المزركشة
وسرنا عراة
حين نختنق بالشعر
ونشعر أنه يضغط على أرواحنا بقوة
- بحذائه -
لا نكتب
نحن المبهرين
لم نعد كذلك
فمن الذى زرع هذه القصائد
فى طريقى
ومن أين لى
- أنا القعيد-
بمنجل أعلى السحابة ؟
من أين لى
بأم لا تموت ؟
(2)
أيها الطيب كصنبور
المسلّي كتلفاز
المحتج كخلاط
ويحك –
لقد تحولت منى إلى آلة

(2)
الجوع ..
لم يذهب الى المدرسة
ولا دخل فصول محو الامية
تربى فى الشارع
وصادق الطلاء المتساقط
على فم منسى من زمن

(2)
كيف اكتشفنا هكذا فجأة
وبعد مرور كل هذه السنوات
أن كل ما قلناه قد قيل
وما فعلناه قد حدث ملايين المرات
لسنا متفردين
لسنا شعراء ولا مذهلين
لسنا أى شىء على الاطلاق
لم تعد البيوت تنحنى لتحيينا
تطردنا الشوارع كالكلاب
كالغجر
كالزناة
الى الحوارى المسدودة
ترشق القصائد فى أجسادنا كمطواة
تمنحنا القىء والسعال والربو عن طيب خاطر
نرفع أيدينا مستسلمين
ونسير إلى آخر الطريق
معترفين بذنوبنا التى لم نرتكبها
مصرين على أن ندفع الثمن
كيف اكتشفنا كل هذا فجأة
ونحن فى سرائرنا
نحسب المسافة بيننا وبين الجاذبية الأرضية
نتحدث بود مع القتلة
وندخن

(2)
اكتظت خزائننا بالذنوب
ولم نرفع أيدينا إلى السماء
بطلب المطر
سرنا فى الشوارع كالموتى
وقلنا هذه شيم الغرباء
يلكزنا السحاب بقوة
فلا نستيقظ
نعبئ البنادق بالبنفسج
ونقول :
" الصفصافة التى رعت فى الحقول ميتة
ستصاب بوما بالجدرى
ليخلف في وجهها حفرا صغيرة جميلة
تصلح مسكناَ للأطفال
يولدون ضاحكين
يجرون خلفهم ناقتين وجارية "

(2)
عليكم أن تغسلوا أسنانكم جيدا
قبل النوم
وإذا جاءتكم الكوابيس
استقبلوها بأنفس راضية
خذوها بالأحضان وقدموا لها شيئا مثلجا
غنوا لها "يا ليل الصب "
فإذا ما نبتت على أعينكم النظارات
فاعلموا أن القرصان قد رضى عنكم
فالبحر سيشقه الأن –
نبى
(2)
حتى الذين نتذكرهم
ونحن فى غرف العمليات
سيفتحون لنا باب المشرحة

(2)
ناموا ولما استيقظوا فى الصباح
وجدوا زوجاتهم موتى
نمن ، ولما استيقظن فى الصباح
وجدن أزواجهن جثثا هامدة
...

البقاء لله

(2)
هذا سكين
والذى عليه دم
طبعا تنتظرون أن أقول
أننى القتيل

(2)
وما أبرىء نفسى
أنا الذى بدأت بالشعر

(2)
التى صارت أبيض من أى كوب حليب
تركت مربعا يراه الديناصور من مخبئه
فينقلب على ظهره
على صدره
على جبينه
ويقهقه كأى حمار لم يفهم اللوغاريتمات
ولم يوقظنى فى الرابعة صباحا
ليشكونى لى
لأنني لم أعد له حبات المطر
ليرقص مع ماجدة الرومى فى أغنية مع جريدة
ديناصور بلا ذيل
بلا مسدس بثلاث طلقات ونصف
بلا أبيض بمربع بنى فى المنتصف
لا ...
لا ...
هى التى سترص البيض
فى خانات الكلمات المتقاطعة
بحرص ، محاذرة من دمى على البلاط

(2)

المترو الذى أكتب عنه منذ أربع سنوات
هو الذى ..
لن أكتب عنه الآن


(2)
هو نفس الكلام الذى كتبته من قبل
ما الذى تغير
هل كبر المعاقون
وأمسكوا بنجمتين ، خبطوهما معا
- استعدادا لقليهما-
فلما أضاء المقهى
بدأت أخرج من جديد
فى حلة خضراء كميت
بثلاثة أجنحة كمروحة السقف
أتأمل البرص فى السرير
وأستعد للضحك .

(2)

هنا بالضبط..
مضغة سماها العرب الاوائل : القلب
تكرهها الحداثة
تهددنى ، وترغمنى على تجاهلها
لم تجعلني أكتب قصيدة غزلية في
الميكروباصات
ولم أجهز قصيدة لرثاء أبى
لم أتفق مع جرافة
لأبكى على أطلال أى بيت
فقط سحبتنى من يدى
فتركت كل هذا الخراب أمامى ، وخلفى
لأدرك الأن
أنها بلا قلب
بلا حبيبة على الكورنيش
بلا صديق فى المقهى
بلا أم ، ولا خالة
أن هنا
أسفل يدى بالضبط ..
مضغة لم تدق منذ بداية القصيدة

(2)
يجب
ما دام الأمر هكذا
أن نقف صفا أطول من هذا
أيدينا لأسفل
رؤسنا لأسفل
ثم
بووم ، بووم
بووم ، بووم
سأتوقف عن الكتابة
سأتوقف عن الكتابة
سأتوقف عن الكتابة
حتى لو غنت نجاة
أمامى الى الصبح
" كل ده و قلبى
اللى حبك
لسه بتسميه
ثلاجة معطلة "

(1)
إلخ ................
.....................
.....................
.....................

13‏/09‏/2006

وجع الكتابة


إلى صديقي القاص محمد حسين بكر
الذي يرقد في المستشفى مريضا .. حزينا

الكتابة الآن أصبحت هي الشقيقة للكبرى للرخ والعنقاء والخل الوفي ،أصبحت رابع المستحيلات ,أصبح الكاتب كالساحر المسكين الذي فقد كل قدراته ، ولا يعرف كيف يرضي متفرجيه ، حتى الساذجين منهم ، أصبح على الكاتب الشاب أن يصنه معجزة مع كل نص جديد يكتبه ,أصبحت فكرة الكتابة في حد ذاتها أمرا مستغربا ، ودائما يقفز سؤال في عيون من تخبرهم بأنك تكتب " لماذا " ، وفي ظل طغيان سطوة المادة ، وانعدام القارئ ، الذي يكاد أن يتوقف عن قراءة الجرائد ، وليس الأدب ، وغياب الصفحات الثقافية في الجرائد ، وغياب المتابعة النقدية ، وغياب النشر ، وتسلط إعلام الفيديو كليب ، وغياب المشروع الوطني ، وتدني الثقافة العامة ، والبحث عن لقمة العيش ، والتسلط الذي تمارسه أجهزة الدولة الثقافية والأمنية ، يصبح وجود الكاتب ممارسا محفوفا بالمخاطر ، فكيف يوجد في مجتمع يرفضه ، ولا يقبل إنتاجه .
لا بد أنك تذكر أن وزير دفاع هتلر هو الذي قال عندما أسمع كلمة مثقف أتحسس مسدسي ، هذا يا صديقي يحدث الآن ، أصبحت وزارة الثقافة ، والمجتمع من بعدها يردد هذا , أصبح الكاتب الشاب مطاردا ، منزو في مكان لا يسمعه فيه أحد ولا يراه أحد ، الكتابة الآن أصبحت كالمعجزة ، وليس بعيدا أن تبحث عمن كان يكتبوا منذ سنوات معك فتجدهم قد هجروا مهنة الكتابة ، التي أصبحت بالنسبة لهم رفاهية ، لا تحتملها قلوبهم المجهدة ، ولا ظروفهم البائسة ، وتجدهم انخرطوا في مهن مختلفة بعيدة عن عملهم.
مشكلة الجيل الحالي أنه ورث أيديولوجيات فكرية سابقة ، أصبح عليه أن يتعامل معها ، مع أن هذه الأيديولوجيات السابقة ، تدعي التمرد على شقيقات كبريات لها سبقنها ، وبالتالي أصبح من يكتب عليه أن يتمرد على ماذا ، ليس هذا مهما ، المهم أن يتمرد .
أقول لك يا صديقي ، لو كان الأخ دون كيشوت حيا فلا بد أنه كان سينضم طوعا إلى جيل الشباب ، يحارب معهم طواحين الهواء ، خاصة بعد أن نجحت أجيال سابقة ، بجدارة ، في تفريغ الأدب من مضمونه ، واختصرته في تهاويم ، وبعد أن نجحت وزارة الثقافة في إدخال بقية المثقفين في " حظيرتها " طمعا في سفر للخارج أو منحة تفرغ ، أو جائزة صغيرة .
الأجيال التي سبقتنا حين ولدت وجدت منابر ثقافية مختلفة لها ، كانت هناك مجلات ثقافية مختلفة ، وسلاسل إبداعية مختلفة ،كان هنا كنظام في الدولة يهتم بالإبداع ، وكانت هناك حركة ثقافية مستقلة تهتم بالمثقفين والكتاب الشباب ، أما عندما ظهرنا نحن فلا توجد على الساحة إلا مجلتين لا يقرأهما أحد ، تخيل مجلتين شهريتين ، لآلاف المبدعين في مصر بأقاليمها ، أما السلاسل الإبداعية فتحولت إلى عزب أو شقق مفروشة بالتعبير العامي ، في هيئة الكتاب سلسلة تشرف عليها سيدة ، لا ينشر فيها إلا المعارف والأصدقاء ، أما سلسلة هيئة قصور الثقافة ، فقد نجحت الحكومة الفاشية في القضاء عليها ، وأصبح على جيلنا أن يبحث عن مكان للنشر آخر ، ويكون الحل هو أن ينشر على حسابه ، فكيف يفعل هذا وهو لا يجد عمله ، إذن إما أن يفعل كالمراهقات ويخبئ ما كتبه في درجه ، او أن يتوقف عن الكتابة حتى يريح وزارة الثقافة ويستريح .
جيلنا الذي يبحث عن اسم له ، مثل التسعينيات ، والثمانينات ، يخوض حربين أولاهما من أجل لقمة العيش ، الثانية من اجل نشر قصة أو قصيدة لن يقرأها أحد في مجلة لن تبيع ، جيلنا ما زال يكتب حتى يجدوا له اسما كالأجيال التي سبقته أو حتى إشعار آخر .
لكني مع ذلك لست يائسا ، أرى أن جيلنا مع شدة لطمات الحياة له أصبح أكثر وعيا ، استفاد من التجارب السابقة له مع وزارة الثقافة ، فقرر أن يصدر كتبه على حسابه ، حتى لو كان سيدفع فيها ثمن كوب شايه وسيجارته الوحيدة ، ألا ترى معي أن نشر الشباب على حسابهم أصبح ظاهرة لافتة ، استطاع جيلنا التخلص من كل الأيديولوجيات السابقة ، وبدأ يكتب ذاته ، مشاكله ، حكايات بلاده الحقيقية ، تجاوز كل التهاويم الكبرى التي صدعونا بها كثيرا ، تخلص من نظريات النقد الكبرى وبدأ بكتب كتابة حقيقية دون خوف من نقاد أصبحوا مع الزمن مثل خيال المآتة ليس أكثر ، تسألني ماذا سيفعل جيلنا ، أجيبك لا أعرف ، لكن عليك أن تنتظره
.

02‏/09‏/2006

التطور الطبيعي للشتيمة في مصر

التطور الطبيعي للشتيمة في مصر


تحذير


هذا الملف يحتوي على ألفاظ خارجة ، وعبارات نابية ، ذكرت للاستدلال ليس أكثر ، لذا ننصح من هم تحت السن القانوني وذوي المشاعر المرفهة بعدم قراءة محتواه ، كما نعتذر سلفا لأصدقائنا إذا جرحت إحدى الجمل مشاعرهم ، فنحن نتكلم عن موضوع جارح بالأساس
ـ مافيش شتيمة ولا إيه
ـ ابن الإيه
ـ شتيمة نعمان
ـ انت حمار يا حمار
ـ صحف الشتيمة
ـ تابوهات الشتيمة
ـ قبر يلمك
ـ اسمك إيه ؟
ـ الصياعة أدب

ما فيش شتيمة ولا إيه ؟

نذكر جميعا المشهد الشهير في فيلم الناظر حينما انهال واحد من ذوي العضلات المفتولة بالضرب على الفنان الراحل علاء ولي الدين الذي عندما تعب من كثرة الضرب صاح في الرجل " كابتن ، كابتن .. هو كله ضرب ضرب ، ما فيش شتيمة ولا ايه ؟ " .
هناك شتيمة بالطبع ، لها تاريخها الطويل ، وحكاياتها المثيرة ، لها عمرها الممتد بطول التاريخ البشري ، توازيها مع حالات الغضب ، واليأس والحنق ، والألم ، أحيانا تصدر كرد فعل تلقائي ، كحل أخير أمام من لا يملك اي رد فعل آخر ، تعبر في أحيان عن قاع المجتمع ، في المجتمعات العشوائية تصبح الشتيمة مثل صباح الخير ، تصبح على سبيل التهريج ، والتنكيت ، أحد أصدقائي من ساكني منطقة كوتسيكا التي لم اكن أعرفها سألته ذات مرة هل كوتسيكا منطقة راقية ، فأجابني ساخرا : جدا ، لدرجة أن الناس هناك تصبح على بعضها بسب الدين ، ولأن الشتيمة ترتبط بالحياة فإننا نجدها كذلك في الأمثال الشعبية ومنها مثلا "ما شتمك الا إللى بلغك" ، والمثل "تشتم أبويا الرُخيِّص .. أشتم أبوك الكويس" ويقال "يشتمنى فى زفة ويصالحنى فى حارة .
أحيانا نعتبر الشتيمة رد فعل الضعيف فقط ، من لا يملك حيلة أخرى يفعلها ، أحيانا تصبح الشتيمة قلة أدب ، أحيانا تصبح هزارا ، أو موقفا ، او رأيا ، تتلون الشتيمة بتلون البشر ، باختلاف مشاربهم ، فشتيمة الأغنياء غير شتيمة الفقراء غير شتيمة سكان السواحل ، غير سكان المناطق الجبلية ، يشتقها أصحابها من بيئتهم ، من تفاصيلها الصغيرة ، والتي قد لا يفهمها سكان المناطق الأخرى .
الشتيمة اعتبرها فعل إبداع مثلها مثل أي شيء موجود في الحياة ، أحيانا نجد احد المارة يشتم آخر بشتنيمة مبتكرة ، نفهمها حين نفتش في المجاز خلفها ، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها ، مفردات الشتيمة في مصر من يبحث عن التطور الطبيعي لها سيجد مفاجآت كثيرة ، لكن أكبر هذه المفاجآت أن أصول بعضها فرعوني ، فيبدو أننا لم نرث الأهرامات وأبا الهول و التاريخ والمعابد والأدب وبعض التقاليد والعادات والفنون، بل يبدو أننا ورثنا الشتيمة أيضا .
يرد البعض معظم عبارات السباب والشتيمة في المجتمع المصري إلى أصول أخرى كالفارسية والانجليزية والتركية وغيرها حين خضعت مصر للاحتلال ، لكن الشتيمة الفرعونية ربما تبدو هي الأكثر تداولا حتى الآن وتؤكد أحدى الدراساتفي علم المصريات أن العديد من الشتائم الموجودة حاليا توورثت عبر الجيال لتصل إلينا ،وتقول الدراسة أن لفظة عبيط مثلا هى لفظة مصرية قديمة مركبة من ( عا + بيط ) ، و لفظة "عا" تعنى حمار فى الهيروغليفية، و لفظة "بِيت" تعنى شخصية ، فيكون معنى الكلمتان معاً هو حمار الشخصية ، وكان الحمار فى العصور الفرعونية يستخدم فى القصائد الدينية على انه كائن شرير يستثنى من ذلك نص قديم جداَ أستعمل فى "كتاب الموتى" ينص على أنه يجب على الميت أن ينقذ حماراَ أسطورياَ من عضة ثعبان. و كانوا يعتبرون الحمار , ولاسيما الحمارالبنى اللون ، حيواناَ غير طاهر , ثم أعتبروه ممثل "الاله ست". ولما أعتُبر "سِت" , فى العصر المتأخر , عنصراَ شريراَ , صار الحمار بدوره أعظم حيوان سحرى , ولذا كانوا ينكلون بجسمه الحى أو يتماثل له كى يلقوا على الشر تعويذة بطريقة السحر الغامض وكان قاتل أوزوريس يلبس رأس حمار وما كان بوسع كتبة المعابد أن يكتبوا الكلمة الدالة على الحمار دون أن يرسموا سكيناَ مغروساَ فى كتفه ، ومن النص السابق يمكننا القول أنهم كانوا يكتبون لفظة "عبيط" هكذا "عا – بيت" بمعنى حمار الشخصية أو غبى , ويرادف لفظة عبيط فى اللغة العربية "ساذج" وهى أصلها فارسى "ساده" بمعنى بسيط فنقول "شاى ساده" بمعنى شاى بسيط أى بدون إضافات مثل اللبن أو الليمون وغيره .
أما عبارة " شرابة خرج " ، والتي تعد شتيمة لمن لا يفعل شيئا ، لا يقدم أو يؤخر ، فيفسرها أحد الكتاب بأن "الخُرج" هو كلمة فارسية من "خورة" وهو المزادة أي كيس الزاد ,التى توضع على الدابة ، وهو عبارة عن جراب طويل يشبه الشنطة يوضع به الزاد وله غطاء من الشراشيب يسمى شُرابة , ونظراً لأنها عبارة عن شرائح من القماش فهى عديمة الفائدة لأنها لا تغطى الكيس بإحكام ومن هنا جاءت "شرابة خرج" أى "مثل غطاء الخرج ليس له فائدة ، أما أصل كلمة "شرابة" فهو الكلمة القبطية swrp "شورب" بمعنى مترأس ، متقدم ، صائر الأول , وهى تعنى مجازاً الغطاء لأنه يكون فى أول الكيس. والكلمة مأخوذة من الكلمة المصرية لقديمة "خرب" وتعنى الأول ، الأمامى ، وإذا كتبت بدون مخصص تعنى مدير ، قائد .
أما إذا شتمك أحد بأنك " ولد تالف " ، أوبأنك " تلم " فيجب أن تعرف أن أصل كلمة تالف هى الكلمة القبطية talef و"تالف" تعنى فسدان , خسران وترادفها أيضاَ الكلمة القبطية yolem و "تلم" ولها نفس المعنى فنقول "الموس تلم" بمعنى الموس فاسد أو "السكين متلم" بمعنى السكين مفسود و تحورت منها " تلامة" بمعنى فساد .
" شوطة لما تشيلك " وهذه العبارة تقال على سبيل السب ، وأصل كلمة "شوطة" هو الكلمة القبطية "شووت" وتعنى كوليرا ، وباء ، الهواء الأصفر . وعادة تقال الشوطة عن الفراخ ، ويقابلها "الفرة" للفراخ أيضاً ، أما الآن فانفلونزا الطيور بالطبع .
عبارة " شلق " من الألفاظ القديمة ، ورغم أن كلمة بيئة ، أصبحت بديلا لها الآن ، إلا أن كلمة شلق ظلت تستخدم لفترة طويلة من الزمن ، حيث يقال أن هذه امرأة شلق ، بمعنى أنها من أصول ضحلة وأنها كثيرة العراك ذات صوت عالى وتعتمد في عراكها على الألفاظ البذيئة الممطوطة ، والكلمة أصلها قبطي "شلاك" وتعنى إمتداد أو مط , وتعنى أيضاً توتر وأنفعال .. وفعل الكلمة هو "شولك" وتعنى يمتد، يتصلب ، يقوى ، فعندما نقول هذه المرأة "شلق" نقصد أن ألفاظها بذيئة وممطوطة. ومنها "تِشلَّق" بمعنى تقول ألفاظ نابية , ويرادفها أيضاً باللفظة "تردح" وتعنى نفس الشئ تماماً ومنها "الردح" و المرأة الرداحة ، وهي التي قامت الفنانة القديرة عبلة كامل بدورها في فيلم خالتي فرنسا ، أما جملة " دول شوية أوباش " فهى مأخوذة من الكلمة القبطية "أوباش" وتعنى عريان ، صعلوكأما جملة " إتمرمط آخر مرمطة " فلها أصول فرعونية أيضا فكلمة "مرمطة" قبطية قديمة "مارماتا" بمعنى ألم ، وجع , وترادف ايضاً "بهدلة" فنقول "فلان إتمرمط آخر مرمطة" بمعنى قاسى كثيراً ، كما نقول "فلان شغال مرمطون" ، وتقول المرأة العاملة المسكينة "الواحدة بتتمرمط فى المواصلات آخر مرمطة". أما إذا قال لك أحد أصدقائك ،أو جارتك ، أو أبوك " إنت يا واد يا مِدَهوِل على عينك " فعليك أن تعرف معنى الكلمة قبل أن تنفعل فالكلمة "مدهول" هى كلمة قبطية "متاهوول" وهى مركبة من مقطعين "متاهو" أى يرتب ثم تأتى "أوول" أى للخارج وهى تفيد النفى ، فيكون المعنى الكلى غير مرتب أو مهمل ومن هنا جاءت الكلمات "دهولة" بمعنى إهمال وعدم ترتيب , و"يدهول" بمعنى يبعثروهى أساساً من اللفظة المصرية القديمة "مدهى" وتعنى مهمل ، أما إذا أرسلك والدك لشراء شيء وسرت متباطئا فجاءتك عبارته القوية والصارمة من خلفك " ياد إمشى وبلاش لكاعة “ فعليك أن تعرف أن اللكاعة هى التباطؤ أثناء السير ، وأصل كلمة "يتلكع" هو قبطى من etlaka و "إتلاكا" تعنى الذى يضع كثيراً , أى يبطئ ومنها " لُكعى" بمعنى بطيء وأيضاً " لكاعة " بمعنى تباطؤ. والكلمة مركبة من "إت" بمعنى الذى و "لا" بمعنى كثيراً و "كا" بمعنى يضع. ، وهناك اللفظة "إلِك" وتعنى يبطئ ، وقد صارت سبا فيما بعد .
ولكن يبدو أنك تصر على اللكاعة لذا فإن والدك بعد أن يكون قد زهق منك ، فسيهتف فيك " ها أسكعك بالقلم أخليك تتول "ويقول بعض الآباء " هلزقك بالقلم " فهى ترادف المعنى الأول تماماً. وأصل كلمة "سكع" هو الكلمة المصرية القديمة "سقاح " بمعنى يلصق ، وأصلها "قاح" بمعنى أرض ، إلتصاق, وعندما نضع حرف "س" تصبح "سقاح" بمعنى يلصقو قد تترجم التصق بالأرض, ففي وجه قبلى يقولون "فلان سكع" بمعنى نام بعد تعب أو إرهاق. أما إذا لم يجد السكع معك فإنه من الممكن أن يقول لك " لو ما سمعتش الكلام هسويك " ومعنى التسوية هنا ، إذا لم ترد أن تسأل والدك، فسأقول لك عليه فأصل كلمة "يسوى" من "سوى" هو الكلمة المصرية القديمة "سوا" وتعنى يقطع أوصال, فيكون معنى العبارة إن لم تصمت سأقطع أوصالك . أما إذا لم يجد كل ما سبق نفعا فالوصف التالي سيكون " ده ولد تِنِحْ" وكلمة "تِنِح" ومنها "تناحة" و"يتنح" مأخوذة من القبطية "تانهو" بمعنى يستحى أو يخجلوإذا فكرنا قليلاً فى كلمة "يستحى" العربية ، وجدنا أنها تعنى " يعطى حياة لذاته" أى لا يكون مثل "من لا حياة فيه" ، وإذا تأملنا فى أصل الكلمة القبطية نجد أنها مركبة من "تى" بمعنى يعطى ومن "أونخ" بمعنى حياة ، فيكون المعنى يعطى حياةفإذا كان الشخص الشديد الحياء هو الذى "يتنح" فى المواقف الجديدة فهو (تِنِح). والكلمة مأخوذة أيضاً من المصرية القديمة ، فنجد أن "دى" بمعنى يعطى , ومن "عنخ" بمعنى حياة ،فكأنهم كانوا يقولون "ديعنخ" بدلاً من تنح.
" هس اسكت ولا كلمة " تتذكر هذه الكلمة طبعا ، كان يقوبها لكم الأستاذ في المدرسة ، والناظر في الطابور ، والدكتور في المحاضرة ، ومن أيضا ، قل أنت ؟ ، هذه الكلمة قبطية أيضا وهي بمعنى يغلق ، يقفل ، وليس يسبح كما يدعى البعض – والمقصود اقفل فمك , ومن الكلمة جاءت "هويس" وهو عبارة عن الواح حديدية تقفل على مأخذ المياه للترع ، أما إذا لم تسكت فستاتيك هذه العبارة " جاك خيبة بالويبة " و الويبة هى مكيال للحبوب وهى من أصل مصري قديم "إبت" وقد أخذتها عنها القبطية "ويبة" ومعناها وعاء للكيل وهذا المكيال يكافئ كيلتين ، فيكون معنى العبارة جاك خيبة كبيرة أو متوصى بها ، أما إذا لم تؤثر كل الشتائم الماضية فإن الشتيمة القادمة ستكون هي الأصعب " فلان ده بِلِطْ "وتعني من لا يؤثر فيه شيء ، وكلمة "بِلِط" هى كلمة قبطية من "بيلتى" وتعنى, فيكون المقصود بالكلمة انه كثير الجلوس أو كسلان ومنها اشتق التعبير "فلان مبلط فى الخط" بمعنى كسلان ولا يعمل.
أما الشاب الطايش فيجب أن يبحث عن معنى الكلمة معنا ، فأصلها مصرى قديم من "تش" وتعنى يُفقَد ، يَضِل, فيكون معنى "طايش" أى ضالوقد إستخدمت فيما يعد لتدل على المعنى (متهور). وما زلنا نقول إلى الآن"عيار طايش" بمعنى عيار ضال.
وهناك شتائم قليلة الاستخدام لكنها مستعملة فيبعض الأماكن مثل " داهية توديك الآمندى " وهذه العبارة مشهورةَ في الصعيد فكلمة "أمندى" هى كلمة قبطية , وتعنى جهنم أو الغرب وهى مأخوذة من الكلمة المصرية القديمة "أمنتت" بمعنى الغرب وقد إعتاد القدماء المصريون ان يطلقوا على الجبانة إسم العالم الغربى أوالغرب فقط ، وذلك لأن الجبانة كانت تقع فى المعتاد فى الجهة الغربية ن ومن هنا جاءت كلمة " البر الغربي " ، كما اعتادوا أن يطلقوا هذا الإسم أيضاً على مملكة أوزوريس حيث يُحاكم الموتى أمام إلههم الأعظم أوزوريسفالغرب كان عند المصريين القدماء رمزاً عن العالم الآخر ،عالم الموت والوحدة. وهذه الفكرة لا يزال أثرها باقياً فى مصر إلى الآن . فنحن نقول عندما نرى المريض على فراش الموت وقد فقد وعيه وظهرت عليه أعراض الموت أن عينيه "غربت" ومعنى هذا ان عينه اتجهت إلى جهة الغرب أى إلى العالم الغربى .أما إذا كان " وشك مش ولا بد " وناداك أحد أصدقائك بعبارة " ياغراب البين " فأنت في حاجة إلى أن تعرف أن أصل كلمة " بين " مصرى قديم من "بين" وتعنى شر ، سوء ، بؤس , فيكون معناها إنت يا غراب الشر ، وكان الغراب عند قدماء المصريين نذيرشؤم ، أما عبارة "إتلم تنتون على تنتن والأتنين أنتن وأنتن " ,والتي تقال عندما تصادق أحد الأشخاص المستهترين فكلمة تنتون وتنتن هما كلمتان قبطيتان تماماً فكلمة تنتون هى الكلمة القبطية "تنتون" باللهجة البحيرية ، وكلمة "تنتن" باللهجة الصعيدية وكلاهما يعنى شابه، ناسب، قلد، إقتدى, فيكون المعنى أن الأشخاص المتشابهه فى السوء تلتقى معاًوأصل الكلمة مصرى قديم من "دندن" بمعنى يشابهأما كلمة " هلاس وبتاع نسوان " فالجزء الثاني منها معروف اما الجزء الأول "هلس" فهو من كلمة قبطية أصلها يونانى "هيلوس"، "هيلوس" بمعنى تلف ، فساد ،ومن الجمل المرتبطة بها أيضا أن نقول " فلان مايص ومهياص" وكلمة "مهيص" هى كلمة قبطية "مهيوص" بمعنى مملوء سرعة وهى مركبة من "مه" بمعنى مملوء و "يوص" بمعنى سرعة أوعجلة , ومن المصرية القديمة "مح" بمعنى مملوء , و"أس" بمعنى سرعة , فيكون معنى العبارة أنه "مملوء بالسرعة أو بحب النط" أما " ربنا ما يحرمك من الهبل " فكلمة الهبل معروفة لنا جميعا لكن أصلها يونانى "هابلوس" وتعنى بسيط ، ساذج , ومن الكلمة أشتقت الألفاظ "أهبل" أو "مهبول" بمعنى ساذجو"يستهبل" بمعنى يدعى السذاجه ،و"إستهبال" بمعنى إدعاء السذاجهوالبعض يقول عن الهبل "هبالة" ، والبعض يقول عن الهبلة "هبيلة" ، ومن الأمثال فى الهبل، "دقوا الطبلة وجريت الهبلة" ، "رزق الهبل على المجانين" ، "هبلة ومسكوها طبلة ، عموما يجعل كلامنا خفيف عليكم ، ولاأريد أن يسألني أحد عن معناها .أما بالنسبة لأصل كلمة شتم عربيا ، فكما يقول ابن منظور في معجمه الشهير " لسان العرب " الشَّتْمُ: قبيح الكلام وليس فيه قَذْفٌ. والشَّتْمُ: السَّبُّ، شَتَمَه يَشْتُمُه ويَشْتِمُه شَتْماً، فهو مَشْتُوم، والأُنثى مَشْتُومة وشَتِيمٌ، بغير هاء؛ عن اللحياني: سَبَّهُ، وهي المَشْتَمَةُ والشَّتِيمة؛ ويقول أَبو عبيد:: هذه الكلمة وإِن لم تُعَدَّ شَتْماً فإِن العَفْو عنها شديد.والتَّشاتُمُ: التَّسابُّ. والمُشاتَمةُ: المُسابَّةُ؛ وقال سيبويه في باب ما جَرى مَجْرى المَثَل: كلُّ شَيءٍ ولا شَتِيمةُ حُرٍّ ، وشاتَمه فَشَتَمه يَشْتُمه: غَلَبَه بالشَّتْمِ. ورجل شَتَّامةٌ: كثير الشَّتْمِ. والشَّتِيمُ الكَريهُ الوجه، وكذلك الأَسَدُ. يقال: فلان شَتِيمُ المُحَيّا، وقد شَتُمَ الرجلُ، بالضم، شَتامَةً؛ والاشْتِيامُ: رَئيسُ الرُّكّابِ. والشَّتِيمُ والشُّتامُ والشُّتامةُ: القبيح الوجه. والشُّتامَةُ أَيضاً: السَّيِّءُ الخُلُقِ. والشَّتامة: شِدَّةُ الخَلْقِ مع قُبْح وَجْهٍ. وأَسدٌ شَتِيمٌ: عابسٌ. وحمار شَتِيمٌ: وهو الكريه الوجه القبيح. وشُتَيْم ومِشْتَمٌ: اسمان.

ابن الإيه



تقف عبارة " ابن الإيه " في الشتائم على الحياد ، فيمكن اعتبارها سبا ويمكن عدم اعتبارها كذلك ، والفيصل في الحالتين هو الطريقة التي تقال بها ، و ربما يمكننا اعتبار المبرر وراء هذه الحالة من الحيرة هو عدم تحديد معنى " الايه " هنا ، فمن الممكن أن يقصد بها خيرا أو شرا .
غير أن عدم التحديد هذا قد يبدو في أحيان كثيرة غير ملزم في الحيرة ، فهناك بعض العبارات الصريحة في الشتم تستخدم في الحالتين ، فكلمة " عبيط " يمكن استخدامها كشتيمة ، ويمكن استخدامها للتدليل على الشفقة تجاه شخص نصفه بهذه الصفة ويمكن اعتبارها على سبيل المزاح ، ويكون دليلنا في هذا درجة تلون الصوت ، و أذكر أن أحد لاعبي الكرة المشهورين قال ذات مرة في تصريحات له ما معناه أن الجمهور غريب ، فإذا لم يعجبه لعيب يصرخ فيه إثناء المباراة " العب يا ابن الكلب " وإذا أعجبته " فإنه يقول عليه أنه " لعيب ابن كلب " أي لاعب حريف ، وفي الحالتين فاللاعب مشتوم بذات الصفة سواء لعب أم لا .
ولفظة ابن الايه ، تحتاج منا أن نفسر كلمة الايه حتى نفهم معناها، وفي كتابه " أصل الألفاظ العامية من اللغة المصرية القديمة" يقول المؤلف سامح مقار أن اللفظة القبطية "إيه" تعنى بقرة ، أو عِجل ، فكأن معنى العبارة " لو بس أمسكه إبن البقرة " واللفظة أصلها قديم من الهيروغليفية "إح" بمعنى عجل, وقد خففت الحاء إلى هاء مع تطور اللغة ، والعجل هو ذكر البقرة لذلك عند وضع تاء التأنيث نحصل على كلمة بقرة – إحت .
لكن لا شك أن " الايه " الآن تختلف اختلافا كبيرا عن الايه الفرعونية ، فنحن نستخدمها الآن في كثير من تفاصيل حياتنا ، فنقولها على سبيل الإعجاب عندما يفعل شخص شيئا جيدا " يا ابن الايه " ، وأحيانا تبدو شتيمة مهذبة ، لمن لا يريد أن يعكر لسانه بالبذاءات ، أما أشهر " إيه " فهي التي يقولها شعبان عبد الرحيم في ختام كل كوبليه في كل أغنياته ، " إييييييييييييييييييه " ،أما أجمل " إيه " فهي التي قالتها نانسي عجرم في أغنيتها " إيه ؟ قول تاني كده ، مين ؟ تقصدني أنا " .

شتيمة نعمان


" انتخبوا نعمان جمعة .. مرشحكم لرئاسة الجمهورية " ، لم تشفع هذه العبارة التي كانت معلقة على لافتات كثيرة تملأ السرادق الانتخابي ، ولم تشفع الهتافات التي تنادي بنعمان جمعة رئيسا للجمهورية في أن تمنع لسانه من الانزلاق بشتيمة لأحد الناخبين كان يهتف له ظلت وسائل الإعلام ترددها طويلا ، فالسياسي المحنك الذي يحافظ على كل كلمة يقولها ، خوفا من أن تترصدها وسائل الإعلام المختلفة التي تحيط به من كل جانب، لم ينتبه إلى أن المايك المعلق في جاكته مفتوح وينقل العبارة التي قالها هامسا إلى جمهور قناة إخبارية فضائية عربية كانت تنقل المؤتمر إلى العالم كله .
الزمان لمن لا يذكر : أيام الانتخابات الرئاسية المصرية ، المكان: محافظة بور سعيد في أحد المؤتمرات الجماهيرية التي أقامها حزب الوفد لمرشحه لكرسي الرئاسة ، الموقف : نعمان جمعة رئيس حزب الوفد ومرشحه في الانتخابات على مقعد رئيس الجمهورية يقف في وسط المؤتمر الجماهيري يخطب ، ومن حوله تنطلق الهتافات ، تتداخل مع صوت فلاشات الكاميرات لمراسلي الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية ، عشرات الميكروفونات أمامه ، تنقل صوته للقنوات الفضائية المختلفة ، صوته الذي كان يصاب باضطراب عندما يقاطعه أحد الهتيفة ، فيصمت ويقطع حديثه ويبدو عليه الضيق ، يحاول أن يسكته ، ولا يستطيع ، لأن الميكروفونات أمامه ، والكاميرات من حوله ستنقل حركته إلى العالم كله ، وهو ما قد يهز صورته أمام ناخبيه ، الأمر الذي تكرر معه في العديد من مؤتمراته حتى ضاق به ذرعا ، قرر نعمان أن يخرج عليه في مؤتمر بور سعيد ، أن يتكلم بحرية دون أن يقاطعه أحد ، حتى لو كان يهتف له ، لكن يبدو أن أحد الهتيفة أصر على أن يضايقه ، أن يقوم كل فترة ليهتف له مقاطعا حديثه ، فما كان من نعمان جمعة إلا أن استشاط غضبا ، فأبعد الميكروفونات بيده ، ونادى على أحد مساعديه وقال له: «هو الواد ابن الخول ده محدش عارف يسكته " فوجئ جمعة بعد ذلك بأن العبارة التي قالها سمعها جميع من في المؤتمر وتناقلتها وكالات الانباء والصحف المصرية والعربية والقنوات الفضائية ،وقال الجميع أنها كانت المسمار الأول في نعش فشله في الانتخابات ، فقد استطاع ميكروفون صغير معلق في جاكته أن ينقل شتيمته إلى العالم ، لتصبح أشهر شتيمة سياسية .

انت حمار يا حمار ؟


انت حمار يا حمار ؟


مفهوم الشتيمة في السينما يظل ملتبسا ، بين اعتبار الألفاظ التي تقال شتيمة أم إحدى طرق التعبير الساخر ، مع الاحتفاظ بالحدود المجتمعية ، أشهر شتيمة ساخرة أطلقت في أحد الأعمال الدرامية هي ذلك السؤال الاستفهامي الساخر لمحمد صبحي في مسرحية تخاريف " انت حمار يا حمار ؟ " ، وهي الأشهر لأنها ربما من كثرة تداولها لم تعد كذلك ، ورغم أن السؤال يحتوي على شتيمة مبطنة بسخرية ، إلا أن ما يثير الضحك هو ذلك التناقض الجميل في السؤال والذي يرفع عن الشتيمة قبحها ليحولها إلى مجرد نكتة ليس أكثر .
أيضا هناك إفيه شهير في هذه المسرحية ، حينما يخاطب محمد صبحي وهو في زي هتلر ، هاني رمزي الذي يمثل أحد أبناء الشعب قائلا " تكلم ، تكلم بلا خوف ، تكلم يا ابن الششششششش.... عب ، وربنا أعلم باللي في ضميري " ، طبعا كلنا خمنا ما هو الذي في ضميره .
يمكننا أن نقول أن الشتيمة ارتبطت بالسينما ربما منذ بدايتها ، لأن الشتيمة غالبا مجرد رد فعل يعبر عن الغضب يظهره الإنسان في حالة استثارته ، في أحيان كثيرة ارتبطت بدراما الأحداث ، كرد فعل عنيف وحيد يملكه من لا يملك أمام من يملك ، و مثل كل شيء شهدت مفردات الشتيمة صعودا وهبوطا ، فانتشرت بشدة في أفلام فترة النكسة ،وفي أفلام السبعينيات بعد هوجة الانفتاح الاقتصادي ، وبعد ذلك في الثمانينيات في الأفلام التي اصطلح على تسميتها بأفلام المقاولات ، وعادت بعد ذلك في الأعمال الكوميدية ، غير أنها في كل فترة كانت تحمل ملامح ذلك الوقت ، فلا يمكننا اعتبار الألفاظ ، والافيهات الساخرة ، المستمدة من الفولكلور والأمثال الشعبية التي كانت تطلقها كل من ماري منيب ، وزينات صدقي شتيمة بالمعنى المتداول حاليا ، مع أن كلمة " يا موكوس " التي كانت ترددها ماري منيب تعد سبا ، إلا أننا إذا أدخلناها في سياق المثل الشعبي الذي تردده " الموكوس موكوس ، حتى لو علقوا على راسه فانوس " فإننا سنعيد النظر حتما .
" يا ابن الكلب " هي الشتيمة الصريحة التي أطلقتها فاتن حمامة في أحد أفلامها في الستينيات وقالتها بغرض الشتيمة أيضا ، والتي يستدل بها الكتاب الآن على أن أفلام زمان كانت تستعمل السباب ، ورغم أن عبارة فاتن أثارت جدلا وقتها ، وربما لا تزال ، إلا أن المضحك أن هذه العبارة الآن لم تعد كذلك ، بل قد تقال على سبيل المزاح ، وتظل عبارة الضرورة الدرامية هي المحك على كل حال ، والعبارة التي يرددها كل مخرج وكاتب سيناريو لتبرير ما كتبه ، ما لا يدركه هؤلاء الكتاب هو أنهم يشكلون ثقافة مجتمع ، وأن شبابا سيدخلون السينما وسيخرجون وهم يرددون عباراتهم بدون عيب بحجة أن نجمه المفضل في السينما قالها ، فما العيب في أن يقولها هو ،وهكذا تدخل العبارة في سياق الحديث اليومي لتتحول إلى كلمة عادية مثلها مثل غيرها ، بعد أن رفعت عن وجهها حجاب الحياء .
إذا حاولنا أن نرصد بعض العبارات ، الشتائم التي قيلت في السينما فلن نتعب كثيرا لأنها منتشرة بالفعل ، ففي فيلم يا مهلبية يا هناك العبارة الشهيرة لأحمد آدم " انا صحيح راجل واطي ... لكن مزاجي استقراطي " ، أيضا هناك صرخة نور الشريف في آخر فيلم سواق الاتوبيس للرائع الراحل عاطف الطيب " يا اولاد الكلب " ، وثمة حوار في فيلم سمك لبن تمر هندي بين معالي زايد وأحد الأشخاص حين قالت له " مش انت برضة اللي اغتصبت سعاد حسني في فيلم الكرنك " فرد عليها قائلا "يا بنتي الكلام ده ايام الشقاوة ، كلموني علشانك الواحد ما عندوش صحه لكن اكل العيش بقه " ، ويمكن اعتبار لفظة " حمار " في السينما تجيء دائما من باب المزاح ، فانتفى عنها فعل السب ، فبالاضافة إلى الافيه الشهير لمحمد صبحي الذي ذكرناه سابقا ، هناك مقولة اسماعيل ياسين في أحد الافلاام تعليقا على خسارة صديقه في سباق أحصنة " طبيعي تخسرهم على حصان لأنك واخدهم من حمار " ، ومن الافيهات التي تتراوح بين السخرية والشتيمة وصف الشاويش عطية لاسماعيل ياسين " هوه بعينه ، بغباوته ، بوشه العكر " ، اما زينات صدقي فقد وصفته في فيلم ابن حميدو بأنه " انسان الغاب طويل الناب ، والعبارة الشهيرة في فيلم هارب من الزواج " هو صحيح الحمار ممكن يتجوز حماره لكن اللى مش ممكن انه يتجوز غوريلا " ومن هذه الشتائم المقنعة أيضا وصف حسن فايق لعروسته في فيلم ليلة العيد بقوله " إيه دى؟؟؟ جايبنلى عروسة من مخلفات الحرب؟؟ " ، وربما لأن الأمثال الشعبية تحتوي الكثير من هذه الالفاظ ، فلا بد أن ملكة الامثال الشعبية في السينما ماري منيب ستكون ملكة متوجة على هذا القسم .
بالقياس إلى الأفلام الجديدة والمسرحيات والمسلسلات الحالية ، يصبح كل ما كان يقال في الماضي مجرد هزل ،وكلام عبي ، يعني عبيط على رأي محمد رضا في فيلم 30 يوم في السجن ، فقد تجاوزت الشتيمة كل الاستعارات والمجازات ، وأصبحت علانية ، لم تعد تختبئ خلف ستار الكوميديا ، بعد أن فقدت الكوميديا قيمتها وأصبحت ممتهنة ، أصبحت الشتيمة تمتد إلى الأب والأم ، و لم نعد نستغرب لأننا نجد شتائم جنسية أيضا ، ففي أحد الأفلام الجديدة نجد أحد أبطالها يصف آخر بقوله "يا للى أمك ما بتقولش لأ" ، ورغم أن أحد مخرجي هذه الأفلام برر قوله بأن وحيد حامد كتب فى فيلم "طيور الظلام" جملة "بتعرفى فرنساوي" على لسان عادل إمام وردت عليه يسرا "أنت أدري" ، وأن فاتن حمامة قالت فى أكثر من فيلم عبارة "ابن الكلب" ونور الشريف "شخر" فى فيلم "حدوتة مصرية"، و تغاضى النقاد عن كل هذا ، فالحقيقة أن خطأ الآخرين ليس مبررا لخطئنا ، وإن كان هذا يبين من جهة أخرى ، هو أن ثمة ثقافة يتم تكوينها من عبارات متداولة في أفلام تصبح مع الوقت جزءا من ثقافة المجتمع الذي ينظر إلى أبطال السينما على اعتبار أنهم صفوة المجتمع وأنهم لا تخرج منهم " العيبة " وبالتالي فما يقولونه ليس عيبا .
أفلام المقاولات استطاعت في الثمانينيات والتسعينيات أن توجد ثقافة ، ولغة ، يحلو لي ان أسميهما ثقافة ، ولغة الصنايعية ، الجمهور الأساسي لهذه النوعية من الأفلام التي كانت تهتم بتقديم أكبر قدر من اللحم على حساب أي قدر من الفن ، حفلت هذه الأفلام بلغة قاع المدينة، بلغة الحياة السفلية ، على أمل التقرب من ساكني هذه الطبقة بعد ان يتحولوا إلى السواد الأعظم من مشاهدي السينما ، فرضت أفلام المقاولات ثقافة الشتيمة ،ولا زالت حتى بعد اندثارها ، وتمكنت هذه الأفلام ومن قبلها أفلام فترة النكسة وفترة بيروت من أن تتسلل إلى مكتبة التليفزيون وأن تدخل في سباق تغيير ثقافة المجتمع ،وأن يصبح العيب عاديا ، والشتيمة هزارا ، والسينما بابا خلفيا لثقافة القاع .

صحف الشتيمة


صحف الشتيمة



عناوين مثيرة ، صور فاضحة ، شتائم مقنعة وعارية ، أكاذيب لا مواراة فيها ، يبدو هذا هو حال العديد من الصحف المصرية هذه الأيام ، ولا سيما التي تخصصت في الجريمة ، التي احترفت الشتيمة شعارا لها ، في الكاريكاتيرات ، او المقالات ، وفي المانشيتات ، جعلت واحدا ممن عاشوا فترة الستينيات يقول لي واصفا واحدة منها " هذه ليست صحيفة ، بل صفيحة " ، ربما يعتبر القائمون على هذه الصحف هذا السلوب هو القرب إلى قلب القارئ ، عندما يزول الحد الفاصل بين الشارع وصفحة الجريدة عندما يصبح ما يقال في الشارع هو ما يكتب ، لكن ما لا دركونه أنها في هذه الحالة لن تتحول إلى صحيفة ، ولا إلى أي شيء آخر .
الشتيمة هنا قد لا تكون بالالفظ ، بل بالكذب الصريح على القارئ ، بنشر صورة عارية ، حتى تصبح من الأشياء المألوفة بالنسبة له ، يوجد في مصر الآن اكثر من 18 جريدة ، حسب إحدى الإحصائيات ، تتخذ من موضوع الجريمة متكئا لها زادها : صور ، وفضائح المشاهير ، و العناوين المثيرة التي تجرح النظر ، المانشيتات التي تعبر " شتيمة " في حق قارئها .
عناوينها تستطيع أن تتوقعها " عمايل الفنانة المعروفة مع لاعب الكرة الصايع في نص الليل " ، " القبض على شبكة دعارة تضم طالبات في الجامعة و تقودها فنانة معروفة "، " حكاية سهرة الراقصة المشهورة في شقة رجل الأعمال الشهير " و " أكبر شبكة آداب تسقط في الاسكندرية " ، ومع التركيز على هذه النوعية من العناوين تشعر أن البلد كلها أصبحت هكذا ، و هنا يأتي رد الفعل الذي نحذر منه .
الشتيمة في هذه النوعية من الجرائد قد لا تكون باللفظ والمشكلة ليست في الشتيمة نفسها ولا في مطلقيها أنفسهم، بل في انتشارها وجعلها من الأمور العادية في حياتنا و إشاعة خطاب الشتيمة ، بحيث تصبح في نهاية الأمر كلاما عاديا متداولا ، ومن هنا يبدأ الخطر .

تابوهات الشتيمة

تابوهات الشتيمة


الشتيمة ثقافة اجتماعية موجودة ، وتمارس يوميا حتى لو اعترض البعض على ذلك ، نسمعها ونحن نركب الميكروباص ذاهبين إلى أعمالنا في الصباح ، نسمعها من صاحب مقهى يثني على العامل لديه ، فلا يجد ثناء افضل من وصفه بأنه " ابن كلب ناصح " ، نسمعها في الاستاد بين المشجعين ، يحثون أحد اللاعبين على الجري ، أو يشتمونه لأنه لا يلعب ،نسمعها من اب عصاه ولده ، نسمعها من أم يرفض ابنها ان يذاكر ، نسمعها من شلة أصدقاء يضحكون مع بعضهم ، نسمعها في كل لحظة ، لدرجة أنها أصبحت فعلا عاديا ، مثل صباح الخير ، نسمعها فلا تثير لدينا أي رد فعل .
مع التعود على الشتيمة ، ومع كونها أصبحت فعلا يوميا اعتياديا ، لم يعد الأمر يمثل بالنسبة لنا أكثر من ربما نستثار فقط إذا عبرت الشتيمة خطوطها الحمراء ، بغض النظر عن أن فعل الشتم نفسه يعتبر خطا أحمر ، أما إذا ظلت في نطاقها العادي أو الذي اصبح عاديا فلا ضير ، خطوط الشتيمة الحمراء هي تابوهاتها ، هي تابوهات المجتمع كله ، تابوهات الثقافة والكتابة وكل ما يمارس في الخفاء أو العلن .
تابوهات الشتيمة ، هي الجنس والدين والسياسة ، مع ان البعض يحب أن يتجاوزها ، والبعض اصبحت له امرا عاديا ، الشتائم الجنسية موجودة بالفعل ومنتشرة ،ولكن ليس مثل الشتائم العادية ، التي تقال في اي مكان ، الشتائم الجنسية تصبح خطا أحمر وتتحول إلى مشاجرة إذا تعدت المرء نفسه إلى والديه ، او والدته بالتحديد ، وربما بسبب الموروث الثقافي تصبح شتيمة النساء أكثر وطأة من شتيمة الرجال وتطلق عادة بغرض إثارة الآخر والحط من قدره وشأنه الاجتماعي لما تمثله عورة المرأة من دلالة في المورث بالرغم من أن النزاع أو الإشكال بين الرجال ذاتهم وليس للنساء أي دور فيه وبدلاً من أن توجه الشتيمة أو السب إلى الرجل ذاته توجه إلى أمه أو أخته.، وغالبا فالرجال يحرصون عند إطلاق شتائمهم هذا إلا يكون هناك نساء في المكان " قال يعني بيتكسف " ، فلا تطلق في ميكروباص مثلا ، لكن الامر الذي يصبح مثالا للسخرية أن النساء أصبحن يستخدمن هذه الشتائم أيضا
الشتائم الخاصة بالدين " سب الدين " هي الأكثر إثارة للغضب بين الناس ، والكثر إثارة للحساسيات لا سيما لو انطلقت من شخص دينه مخالف ، وقد تتحول في هذه الالة إلى فتنة دينية ، سب الدين لا ينطق به إلا من فقدوا حائط صدهم الأخير ، الدين ، ولم يعودوا يملكون شيئا .
أما السياسة ، فقلما تجد شخصا يستطيع أن يتفوه ضد النظام الحاكم ، أم إذا فعل فلا بد أن يكون على علاقة وطيدة بمن يجلسون معه ، يعرفهم جيدا ، اما غذا تفوهت أنت أمامه بجملة فسيقول لك " خلينا نربي عيالنا ، الحيطان لها ودان " ، اما أشهر شتيمة سياسية أطلقها شخص مسئول فكانت " العلوج " والتي كان محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام العراقي في نظام صدام حسين ، يصف بها الأميركيين .

قبر يلمك


قبر يلمك

قديما كان العرب يستخدمون في مشاداتهم عبارات من نوعية " ثكلتك أمك " ، و " تبت يداك " و " أصبئت يا حنظلة ؟" و " خسئت " ، والملاحظ أنها كلها عبارات صلبة ، جامدة ، مستمدة من البيئة الصحراوية التي كانوا يعيشون فيها ، من قسوة الجبال والعطش والرمال، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الشتائم في الصعيد ، حيث أننا نجدها مشتقة من العبارات الموجودة في البيئة المحيطة بهم ، البيئة القاسية بما فيها من جبال وصحراء وفقر مدقع ، بما فيها من حنو يزرعه نهر النيل ، والأراضي القليلة الخضراء حولهم ، في نفوسهم ، غابت الشتائم الصعيدية عن الكثيرين ، ولم يبد منها إلا الصورة الكاريكاتورية التي رسمتها المسلسلات التليفزيونية والأفلام العربية القديمة والحديثة ، ولعلنا نذكر أن محمد هنيدي في فيلم صعيدي في الجامعة الميركية كان ينادي زميله أحمد السقا بقوله " يا جزمة " ، اما أشهر شتيمة فهي تلك التي أطلقها الفنان الراحل عبدالله غيث في مسلسل ذئاب الجبل " قبر لما يلمك " ، الشتائم في الصعيد مشتقة من مفردات الحياة هناك ، ففي بعض المناطق الزراعية تشتق الشتائم منالحيوانات التي يتم التعامل معها ، أما المناطق الجبلية فهي مشتقة من الطبيعة الجبلية ، أما إذا لم يرد الصعيدي أن يشتمك فسيقول لك غاضبا " اقفل خشمك " .

اسمك إيه ؟

اسمك إيه ؟

ماذا سيكون إحساسك لو كان اسمك قرني ، يعني شتيمة ، و ماذا ستفعل عندما تقرأهذا في عيون من تقابلهم ، شيء يشبه هذا قدمه الفنان محمد صبحي في مسرحية سكة السلامة والتي كان يقوم فيها بدور شخص اسمه قرني ، عندما كان من تاه بهم الاتوبيس يتعارفون ، و جاء الدور على صبحي ، قال " انا قرني " فسأله خليل مرسي " واسمك إيه بأه ؟ " ، فقال له صبحي "وهو الواحد بيقول اسمه الاول ولا وظيفته ؟ " ، ويعتبر اسم " قرني " أشهر الاسماء التي تعتبر من الشتائم ، و هو الاسم الذي كان يستعمل بكثرة في الماضي وان كان تراجع استخدامه في الوقت الحاضر نظرا لارتفاع نسبة التعليم ، وهناك أسماء محلاات شهيرة تعتبر شتيمة أيضامنها " فول الجحش " في السيدة زينب والذي يعتبر أشهر بائع فول في مصر ، وايضا هناك " البغل " أيضا ، أما كبابجي " الركيب " الشهير في منطقةالهرم ، فهو يحمل إيحاءات جنسية ، وهناك " كشري العبيط " في مدينة السلام ، وكلها أسماء قديمة ، فلم يعد أحد يطلق هذه الأسماء الآن والتسي لا ينكر أحد أنها ساهمت في شهرة أصحابها .
والأسماء الغريبة التي تعتبر شتائم ، كانت شببا في طلبات تغيير الاسماء في السجلات المدنية ، لأن إباءهم أسموهم باسماء غريبة ،وفي هذا يقول الرسول عليه الصلاة و السلام في حديث عن أبي الدراداء . ورواه أبو داود رضي الله عنهما : " إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم و أسماء آبائكم ، فحسنوا أسماءكم "
والبعض كان يعتبر حتى فترة قريبة ماضية أسماء مثل هيثم وتامر ووائل ، من قبيل الشتيمة ن وكانوا يتساءلون عندما يكبر هذا الشخص هل سيصبح امه " جدو وليد " وعندما يحج هل سيتحول إلى " الحاج هيثم " ، لكن هذه الاسماء تحولت بفضل المطربين الذين يحملون هذه الأسماء إلى أسماء عادية .
ويطالب الإسلام الأمهات والآباء بأن يختاروا أسماء حسنة لأبنائهم، ويوجهنا الرسول الكريم بقوله: “خير الأسماء ما عُبّد وحُمّد”، كعبد الله وعبد الرحمن ومحمد واحمد، وهذا من حقوق الأبناء على الآباء، فإذا قصر الآباء في ذلك كأن اختاروا أسماء قبيحة فإن ذلك عقوق منهم في حق أبنائهم، خصوصا أن الأسماء القبيحة تؤثر في نفسية الأولاد بعد كبرهم، فقد جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يشكو عقوق ابنه، فقال عمر للابن: لماذا تعق أباك؟ قال: يا أمير المؤمنين ما حق الأبناء على الآباء؟ قال: حق الابن على أبيه أن يختار له أما صالحة وأن يسميه اسما حسنا، وان يعلمه شيئا من القرآن، فقال الابن يا أمير المؤمنين، فوالله ما عمل معي واحدة من هؤلاء، أما أمي فجارية تسرّى بها، وأسماني “جعلا”، أي “جعران”، ولم يعلمني شيئا من القرآن، فقال عمر لوالده: اذهب يا رجل فقد عققت ابنك قبل أن يعقك .

الصياعة ادب


الصياعة أدب



هل تعرفون باقي هذا المثل ؟، إذن لا داعي لأن اكمله ، الصياعة ترتبط في عرف الأجيال القديمة بالشتيمة ، وبقلة الأدب ، أما الجيل الجديد ، فالصياعة بالنسبة له لا تعني إلا التلطم في الحياة ، وان تكون ولد " مفتح " و" تفهمها وهيه طايرة " ، أحد أصدقائي قال لي " انه صايع كتير " وأضاف " لكن بأدب " وأكمل شارحا " تلطمت كثيرا في الحياة ، وتعذبت ، وعانيت كثيرا ، وأصبحت عارفا بالحياة وأستطيع التعامل معها ".
الصايع في المفهوم القديم ، هو الذي يقف على ناصية الشارع ، يعاكس " اللي رايحة واللي جاية " ن يسهر حتى ساعات الفجر الولى ، يحمل مطواة في جيبة ، ويشتم من يعجبه ، ومن لا يعجبه ، اما الصايع الآن ، وفقا لوجهة نظرك أنت ، فأنت من يحدد صفاته .
الصياعة أدب مش هز اكتاف ، وهو مثل يعني أن الصياعةليس بلطجة ، ولا أن تسير حاملا في جيبك الخلفي مطواة ، أو تخحمل تحت لسانك شفرة حلاقة ، ان أن تتفوه بألفاظ قبيحة ، وإنما أن تفهم من امامك ، وأن تكسبه بحلاوة لسانك ، وبقدرتك على فهمه ، ومن ثم استيعابه ، أن تستطيع بخبرة حياتك أن تفهم الناس ، أن تجعلهم يحترمونك ، بأدبك ، " بصياعتك " ، وليس بالعكس